إليه، كما قال تعالى في المحتضر في سورة (الواقعة): {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ} فإن المراد الملائكة بلا ريب، كما ستعرفه في سورة (الواقعة) إن شاء الله تعالى. قال القشيري: في هذه الاية هيبة، وفزع، وخوف لقوم، وروح، وأنس، وسكون قلب لقوم.
الإعراب:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ:} انظر إعراب مثل هذه الكلمات في الاية رقم [٤٦] من سورة (الزخرف). {وَنَعْلَمُ:} الواو: واو الحال. (نعلم): مضارع، والفاعل مستتر تقديره:«نحن»، والجملة الفعلية في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: ونحن نعلم، والجملة الاسمية في محل نصب حال من:(نا)، والرابط: الواو، والضمير، ولا يصح اعتبار الجملة الفعلية بمفردها حالا؛ لأنها اقترنت بالواو، وفعلها مضارع مثبت. هذا؛ وإن اعتبرت الجملة مستأنفة؛ فلا حاجة إلى تقدير مبتدأ قبلها. {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط: الضمير المجرور محلا بالباء. وعلى اعتبارها مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به، التقدير: ونعلم وسوسة نفسه إياه؛ على اعتبار الباء زائدة، أو وسوسة نفسه له؛ على كونها للتعدية، وهي أصلية. {وَنَحْنُ أَقْرَبُ:} مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل:(نعلم)، والرابط: الواو، والضمير، وهي حال متداخلة. {إِلَيْهِ:}
متعلقان ب:{أَقْرَبُ}. {مِنْ حَبْلِ:} متعلقان ب: {أَقْرَبُ} أيضا، و {حَبْلِ} مضاف، و {الْوَرِيدِ} مضاف إليه، وانظر ما ذكرته في مثل هذه الإضافة في الاية رقم [٩].
الشرح:{إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ} أي: يأخذ، ويثبت الملكان الموكلان بالإنسان ما يعمله، وما يقوله في صحيفتي الحسنات، والسيئات. {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ:} قال مجاهد: وكّل الله بالإنسان مع علمه بأحواله ملكين بالليل، وملكين بالنهار، يحفظان عمله، ويكتبان أثره إلزاما للحجة، أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والاخر عن شماله يكتب السيئات. فذلك قوله تعالى:{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ}. وعن أبي أمامة-رضي الله عنه-قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «كاتب الحسنات على يمين الرجل، وكاتب السيئات على يساره، وكاتب الحسنات أمين على كاتب السّيئات، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرا، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشّمال: دعه سبع ساعات؛ لعلّه يسبّح! أو يستغفر». وروي من حديث علي-رضي الله عنه-أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«إن مقعد ملكيك على ثنيّتك. لسانك قلمهما، وريقك مدادهما، وأنت تجري فيما لا يعنيك فلا تستح من الله ولا منهما!». وإنما قال:{قَعِيدٌ،} ولم يقل: