للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«نحن». {الْمُتَّقِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {إِلَى الرَّحْمنِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {وَفْداً} كان صفة له... إلخ، انظر الآية رقم [٥] {وَفْداً:}

حال من المتقين، وجملة: {نَحْشُرُ..}. إلخ في محل جر بإضافة {يَوْمَ} إليها، وجملة:

{وَنَسُوقُ..}. إلخ معطوفة عليها، فهي في محل جر مثلها، وإعراب هذه مثل إعراب تلك بلا فارق.

{لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاّ مَنِ اِتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧)}

الشرح: {لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ:} الضمير يعود إلى القسمين المذكورين. وقيل: يعود إلى الكفار. {إِلاّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً:} وهم المسلمون الذين قدموا العمل الصالح في الدنيا.

وهذا على عود الضمير على القسمين المذكورين، فيكون المعنى: فإن المؤمنين يملكون الشفاعة لغيرهم. وعلى الثاني: فإن المعنى: لا يستحق الشفاعة من غيره، ولا يستأهلها إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا. فعلى الأول: فقد تظاهرت الأخبار بأن أهل الفضل، والصلاح، والعلم يشفعون، فيشفّعون، وعلى الثاني: فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يشفع في العصاة من المسلمين، فيكون المعنى: فإنهم يملكون الشفاعة بأن يشفع فيهم، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا أزال أشفع حتّى أقول: يا ربّ! شفّعني فيمن قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فيقول: يا محمد إنّها ليست لك، ولكنّها لي». أخرجه مسلم بمعناه. انتهى قرطبي. أما عبدة الأصنام فلا يشفعون لأحد، ولا يملكون شفاعة أحد؛ أي: لا يستحقونها من أحد. قال تعالى في سورة (المدثر): {فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشّافِعِينَ}.

هذا؛ وقد قال ابن مسعود-رضي الله عنه-: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لأصحابه: «أيعجز أحدكم أن يتّخذ كلّ صباح ومساء عند الله عهدا؟». قيل: يا رسول الله! وما ذاك؟ قال: «يقول عند كلّ صباح ومساء: اللهمّ فاطر السّماوات والأرض عالم الغيب والشّهادة إنّي أعهد إليك في هذه الحياة بأنّي أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأنّ محمدا عبدك ورسولك، فلا تكلني إلى نفسي فإنك إن تكلني إلى نفسي؛ تباعدني من الخير، وتقرّبني من الشّرّ، وإني لا أثق إلاّ برحمتك، فاجعل لي عندك عهدا توفينيه يوم القيامة، إنّك لا تخلف الميعاد، فإذا قال ذلك طبع عليها طابعا، ووضعها تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين لهم عند الله عهد؟ فيقومون، فيدخلون الجنة؟».

الإعراب: {لا:} نافية. {يَمْلِكُونَ:} مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. {الشَّفاعَةَ:}

مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {الْمُجْرِمِينَ} أو منهم ومن المتقين حسب ما رأيت في الشرح، أو هي مستأنفة، لا محل لها. {إِلاّ:} أداة استثناء. {مَنِ:} اسم موصول مبني

<<  <  ج: ص:  >  >>