للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)}

الشرح: {فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ}: فأجاب الله دعاءه الذي تضمنه قوله: {وَإِلاّ تَصْرِفْ..}. إلخ ولطف به، وعصمه من الوقوع في الزنى، {فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ}: حيث ثبته ربه بالعصمة؛ حتى وطن نفسه على مشقة السجن، وأثرها على اللذة المتضمنة للعصيان، وانظر المراد من:

{كَيْدَهُنَّ} في الآية السابقة، ولماذا جمع الضمير. {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ}: لدعاء الملتجئين إليه.

{الْعَلِيمُ}: بأحوالهم وما يصلحهم.

في الآية الكريمة دليل على أنه لا يقدر أحد عن الانصراف عن المعصية إلا بعصمة الله ولطفه به، اللهم تولّني بعنايتك ورعايتك، واحفظني، وعقبي، وجميع المؤمنين، والمؤمنات من الوقوع في الفواحش، والمنكرات، فإنك خير مسئول يا أرحم الراحمين، هذا؛ والسين والتاء زائدتان بالفعل استجاب؛ لأنه بمعنى أجاب، قال كعب بن سعد الغنوي في رثاء أخيه: [الطويل]

وداع دعا يا من يجيب إلى النّدى... فلم يستجبه عند ذاك مجيب

الإعراب: {فَاسْتَجابَ}: الفاء: حرف استئناف. (استجاب): ماض. {لَهُ}: متعلقان به.

{رَبُّهُ}: فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. (صرف): ماض، وفاعله يعود إلى {رَبُّهُ،} {عَنْهُ}:

متعلقان بالفعل قبلهما. {كَيْدَهُنَّ}: مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، والنون علامة جمع الإناث، وجملة: (صرف...) إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. {إِنَّهُ}:

حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {هُوَ}: ضمير فصل لا محل له، أو هو توكيد لاسم (إن) على المحل، وعلى هذين الوجهين ف‍ {السَّمِيعُ} خبر أول ل‍ (إنّ)، والعليم خبر ثان، هذا؛ وإن اعتبرت {هُوَ} مبتدأ، فيكون {السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} خبرين له، وعليه فالجملة الاسمية: {هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} في محل رفع خبر إن، والجملة الاسمية: {إِنَّهُ هُوَ..}. إلخ تعليلية لا محل لها.

{ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتّى حِينٍ (٣٥)}

الشرح: {ثُمَّ بَدا لَهُمْ} أي: للعزيز، وقطفير، وأصحابه في الرأي، وذلك أنهم أرادوا أن يقتصروا من أمر يوسف على الإعراض، وكتم الحال، وقد ألحت زليخا على زوجها، وقالت له:

إن العبد العبراني قد فضحني؛ يقول للناس: إني قد راودته عن نفسه، فإما أن تأذن لي، فأخرج، فأعتذر إلى الناس، وإما أن تحبسه، فرأى حبسه: {مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ} أي: الدالة على صدق يوسف عليه السّلام وبراءته، من قد القميص من دبر، وكلام الطفل، وقطع النساء أيديهن، وذهاب

<<  <  ج: ص:  >  >>