{يُوحى،} والجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية ل: {بَشَرٌ،} أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدم، وجملة:{قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
{فَاسْتَقِيمُوا:} الفاء: هي الفصيحة. (استقيموا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {إِلَيْهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم على مثال ما رأيت في الآية السابقة. (استغفروه): أمر، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، والكلام كله في محل نصب مقول القول.
{وَوَيْلٌ:} الواو: حرف استئناف. (ويل): مبتدأ، وساغ الابتداء به؛ لأنه بمعنى: الدعاء.
{لِلْمُشْرِكِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.
{الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧)}
الشرح:{الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ} أي: لا يفعلون الخير، ولا يتصدقون، ولا ينفقون في طاعة الله، ولا يعطون الزكاة لمستحقيها، ولا يقرون بوجوبها. قال القرطبي: قرعهم بالشح الذي يأنف منه الفضلاء. وفيه دلالة على أن الكافر يعذب بكفره مع منع وجوب الزكاة عليه. انتهى. وفيه دلالة على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة. {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ} أي: كفروا بالبعث، والنشور، وكذبوا بالحساب، والجزاء. قال الصاوي: وإنما خص منع الزكاة، وقرنه بالكفر بالآخرة؛ لأن المال شقيق الروح، فإذا بذله الإنسان في سبيل الله، كان دليلا على قوته، وثباته في الدين، واستقامته، وصدق نيته، ألا ترى إلى قوله عز وجل في سورة (البقرة) رقم [٢٦٥]: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} أي: يثبتون أنفسهم على الإيمان، ويدلون على ثباتها بإنفاق الأموال، وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا، فقويت عصبيتهم، ولانت شكيمتهم، وأهل الردة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما تظاهروا إلا بمنع الزكاة، فنصبت لهم الحروب، وجوهدوا من قبل الصديق-رضي الله عنه-وفي هذه الأيام يبيع المسلم دينه، وشرفه، وكرامته في سبيل جمع المال من أي طريق كان! وفي الآية بعث للمؤمنين على أداء الزكاة، وتخويف شديد من منعها؛ حيث جعل المنع من أوصاف المشركين، وقرن بالكفر بالآخرة. وهذه الآية هي التي احتج بها الصديق على الفاروق-رضي الله عنهما-حينما اعترض عليه في عزمه على محاربة مانعي الزكاة مع المرتدين، وسوّاهم فيهم.
وعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال: أتى رجل من تميم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال:
يا رسول الله! إني ذو مال كثير، وذو أهل، وحاضرة، فأخبرني كيف أصنع؟ وكيف أنفق؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«تخرج زكاة مالك، فإنها طهرة تطهّرك، وتصل أقرباءك، وتعرف حقّ المسكين، والجار، والسائل».