للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ (١٤٠)}

الشرح: {أَمْ تَقُولُونَ:} خطاب لليهود، والنصارى، وفيه توبيخ لهم. {إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ:} انظر الآيتين رقم [١٣٣] و [١٣٦]. {كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى} والمعنى: أتزعمون أنّ إبراهيم، وبنيه كانوا على دينكم، وملّتكم؟ وإنما حدثت اليهودية، والنصرانية بعدهم، فثبت كذبكم يا معشر اليهود والنصارى على إبراهيم، وبنيه. {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ} أي: هل أنتم أعلم بديانتهم أم الله؟ وقد شهد الله لهم بملة الإسلام، وبرّأهم من اليهودية، والنصرانية، قال تعالى في سورة آل عمران: {ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً} فكيف تزعمون: أنهم على دينكم؟.

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ} أي: أخفى: قال الحسن البصري-رحمه الله تعالى-كانوا يقرءون في كتاب الله الذي آتاهم: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ} وإنّ محمدا رسول الله، وإنّ إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط كانوا براء من اليهودية، والنّصرانية، فشهد الله بذلك، وأقرّوا على أنفسهم لله، فكتموا شهادة الله عندهم من ذلك. انتهى. والمعنى: ومن أظلم ممن كتم شهادة جاءته من عند الله، فكتمها، وأخفاها.

{وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ} تكرر ورود هذه الجملة في مواطن كثيرة من القرآن، قال أبو حيّان-رحمه الله تعالى-: ولا تأتي هذه الجملة إلا عقب ارتكاب معصية، فتجيء متضمنة وعيدا، ومعلمة: أن الله لا يترك أمرهم سدى. انتهى. والجملة فيها تهديد، ووعيد شديدان، والمعنى: أن الله لا يترك أمرهم سدى. انتهى. والمعنى: أن علمه تعالى محيط بأعمالهم صغيرها، وكبيرها، ويجزيهم بها. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {أَمْ:} حرف عطف، وهي تحتمل الاتصال، والانقطاع، وعلى الاتصال فهي معادلة للهمزة في قوله تعالى: {أَتُحَاجُّونَنا} في الآية السابقة. {تَقُولُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة على الانقطاع لا محل لها، ومعطوفة على جملة:

{أَتُحَاجُّونَنا} على الاتصال، فهي في محل نصب مقول القول مثلها. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {إِبْراهِيمَ:} اسمها، والأسماء المذكورة معطوفة عليه. {كانُوا:} فعل ماض ناقص، والواو اسمه، والألف للتفريق. {هُوداً} خبر (كان) والجملة الفعلية في محل رفع خبر: {إِنَّ،} {أَوْ:} حرف عطف. {نَصارى:} معطوف على: {هُوداً} منصوب مثله، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>