{وَلَمّا:} الواو: واو الحال. ({لَمّا}): حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَعْلَمِ:} فعل مضارع مجزوم ب ({لَمّا}) وحرك بالكسرة لالتقاء الساكنين، هذا وقرئ بالفتحة شاذّا على أنّ أصله:(«يعلمن») فحذفت نون التوكيد الخفيفة، وبقيت الفتحة قبلها، وعليه فهو مبني على الفتح في محلّ جزم، وتوكيد المضارع بعد «لمّا» شاذ، لذا قلت: فالقراءة شاذة. {اللهُ:} فاعله. {الَّذِينَ:} مفعوله.
وجملة:{جاهَدُوا مِنْكُمْ..}. صلة الموصول، لا محلّ لها، وجملة:{وَلَمّا يَعْلَمِ..}. إلخ في محل نصب حال من تاء الفاعل، أو من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير المجرور محلاّ ب (من){وَيَعْلَمَ:} الواو: واو المعية. ({يَعْلَمِ}): فعل مضارع منصوب ب «أن» مضمرة بعد الواو، والفاعل يعود إلى:{اللهُ} و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر معطوف بالواو على مصدر متصيّد من الفعل السّابق، التقدير: ولمّا يحصل علم الله بالذين جاهدوا، وعلمه بالصّابرين. هذا؛ ويقرأ الفعل بالرفع. فتكون الواو للحال، ولا يسوغ هذا إلا على إضمار مبتدأ قبله، فتكون الجملة الاسمية، كأنّه قال: ولمّا تجاهدوا؛ وأنتم صابرون. {الصّابِرِينَ:} مفعول به، ولا تنس:
أنّ الفعل ({يَعْلَمِ}) من المعرفة، لا من العلم اليقيني. انظر الآية رقم [٢٩].
الشرح:{وَلَقَدْ كُنْتُمْ..}. إلخ: هذا خطاب خوطب به الّذين لم يشهدوا بدرا، وكانوا يتمنّون أن يحضروا مشهدا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لينالوا كرامة الشّهادة، وهم الذين ألحوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الخروج من المدينة إلى أحد، وكان رأيه الإقامة فيها. والمعنى: وكنتم تمنّون الموت قبل أن تشاهدوه، وتعرفوا شدّته، فقد رأيتموه معاينين مشاهدين له حين قتل إخوانكم بين أيديكم، وشارفتم أن تقتلوا معهم. وهذا توبيخ لهم على ما تسبّبوا له من خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بإلحاحهم عليه، ثمّ انهزموا عنه، وإنّما تمنّوا الشّهادة؛ لينالوا كرامة الشّهداء من غير قصد إلى ما يتضمّنه من غلبة الكفّار. ولقد قال عبد الله بن رواحة-رضي الله عنه-حين نهض إلى مؤتة. وقيل له:
ردّكم الله سالمين غانمين! [البسيط]
لكنّني أسأل الرّحمن مغفرة... وضربة ذات فرغ (١) تقذف الزّبدا
أو طعنة بيدي حرّان مجهزة... بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتّى يقال إذا مرّوا على جدثي... أرشده الله من غاز وقد رشدا
بعد هذا؛ فجملة:(أنتم تنتظرون) مؤكدة لما قبلها؛ لأنّ الرؤية، والنظر بمعنى واحد، وانظر شرح الموت في الآية رقم [٩٠]. و {تَمَنَّوْنَ} أصله: «تتمنون» فحذفت إحدى التاءين. وهذا الحذف