متعلق بمحذوف خبر:{كُنْتُ،} والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (ليت) والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. {فَأَفُوزَ:} الفاء: للسببية. (أفوز):
فعل مضارع منصوب ب «أن» مضمرة بعد الفاء، والفاعل مستتر تقديره: أنا، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل نصب معطوف على مصدر متصيد من الفعل السابق، التقدير: أتمنى كينونة معهم، ففوزا. هذا؛ وقرئ:(«أفوز») بالرفع على تقدير: فأنا أفوز، فتكون الجملة اسمية، وهي مستأنفة. {فَوْزاً:} مفعول مطلق. {عَظِيماً:} صفة له.
الشرح:{فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ..}. إلخ: هذا خطاب للمنافق المذكور في الآيتين السّابقتين؛ أي: ليخلص المنافق الإيمان، وليقاتل في سبيل الله. وقيل: هو خطاب للمؤمنين المخلصين؛ أي: فليقاتل المؤمنون المخلصون الباذلون أنفسهم، وأموالهم في سبيل الله الذين يبيعون الحياة الفانية بالحياة الباقية. وفي الآية استعارة، فقد استعار لفظ الشّراء للمبادلة، والباء بمعنى: بدل، وقد دخلت على المتروك. ومثله كثير في الآيات القرآنية، و {يَشْرُونَ} بمعنى:
يشترون، ويبيعون، قال ابن مفرغ الحميري:[مجزوء الكامل]
وشريت بردا ليتني... من بعد برد كنت هامة
وقال أبو ذؤيب الهذلي، وهو الشاهد رقم [٧٧١] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]
فإن تزعميني كنت أجهل فيكم... فإنّي شريت الحلم بعدك بالجهل
{وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ:} في طاعة الله، ومن أجل إعلاء كلمته؛ إذ لا يذكر لفظ القتال، أو الجهاد؛ إلا ويقرن بكلمة:{فِي سَبِيلِ اللهِ،} وفي ذلك دلالة واضحة على أنّ الغاية من القتال، والجهاد غاية شريفة نبيلة، هي: إعلاء كلمة الله، لا السيطرة، أو المغنم، أو الاستيلاء في الأرض، أو غير ذلك من الغايات الدّنيئة. {فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ..}. إلخ: وعد الله المجاهد في سبيل الله ظافرا، أو مظفورا به إيتاء الأجر العظيم على اجتهاده في إعزاز دين الله. وخذ ما يلي:
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تضمّن الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلاّ جهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي، فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنّة، أو أرجعه إلى مسكنه، الّذي خرج منه، نائلا ما نال من أجر أو غنيمة». أخرجه مسلم في صحيحه، وفي هذا الحديث، والآية الكريمة وعد من القويّ العزيز؛ {وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ؟} لا أحد!.