للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٧٩)}

الشرح: {اللهُ الَّذِي جَعَلَ:} خلق، وسخر، وانظر الآية رقم [٦١]. و {الْأَنْعامَ:} المراد بها ما يؤكل من الحيوانات، وهي: الإبل، والبقر، والغنم، والماعز، فمنها ما يركب، ومنها ما يؤكل، فالإبل تركب، وتؤكل، ويحمل عليها الأثقال في الأسفار، والترحال إلى البلاد النائية، والأقطار الشاسعة. والبقر تؤكل، ويشرب لبنها، وتحرث عليها الأرض. والغنم تؤكل، ويشرب لبنها.

والجميع تجز أصوافها، وأشعارها، وأوبارها، فيتخذ منها الأثاث، والثياب، والأمتعة. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٧١] من سورة (يس) وما بعدها، فالبحث هناك ضاف كاف.

الإعراب: {اللهُ الَّذِي:} مبتدأ، وخبر. {جَعَلَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {الَّذِي}.

{لَكُمُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {الْأَنْعامَ:} مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الاسمية: {اللهُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {لِتَرْكَبُوا:}

فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. (منها): متعلقان بما قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال، التقدير: «جعل لكم الأنعام مسخرة للركوب». {وَمِنْها:}

الواو: حرف عطف. {مِنْها:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {تَأْكُلُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، وهو في المعنى معطوف على قوله: {لِتَرْكَبُوا مِنْها} إذ المعنى جعل الأنعام للركوب، وللأكل منها. وخذ ما يلي:

قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: لم قال: {لِتَرْكَبُوا مِنْها} {وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها} ولم يقل: لتأكلوا منها، ولتصلوا إلى منافع؟ أو: هلا قال: منها تركبون، ومنها تأكلون، وتبلغون عليها حاجة في صدوركم؟ قلت: في الركوب في الحج، والغزو، وفي بلوغ الحاجة الهجرة من بلد إلى بلد؛ لإقامة دين، أو طلب علم، وهذه أغراض دينية، إما واجبة، أو مندوب إليها، مما يتعلق به إرادة الحكيم، وأما الأكل، وإصابة المنافع؛ فمن جنس المباح الذي لا يتعلق به إرادته. انتهى.

وقد رد على الزمخشري المعلق على الكشاف بقوله: والجواب الصحيح: أن المقصود المهم من الأنعام، والمنفعة المشهورة فيها إنما هي الركوب، وبلوغ الحوائج عليها بواسطة الأسفار، والانتقال في ابتغاء الأوطار، فلذلك ذكرهما هنا مقرونين باللام، الدالة على التعليل والغرض، وأما الأكل، وبقية المنافع، كالأصواف، والأوبار، والألبان، وما يجري مجراها؛ فهي؛ وإن كانت حاصلة منها؛ فغير خاصة بها خصوص الركوب، والحمل، وتوابع ذلك، بل

<<  <  ج: ص:  >  >>