للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجزوم بجواب الاستفهام. ورده ابن هشام في قطر الندى بقوله: وليس جوابا للاستفهام؛ لأن غفران الذنوب لا يتسبب عن نفس الدلالة، بل عن الإيمان، والجهاد. هذا؛ وقرأ زيد بن علي:

«(تؤمنوا وتجاهدوا)» على إضمار لام الأمر. ومثله، أو ومنه قول حسان بن ثابت-رضي الله عنه- وهو الشاهد رقم [٤٠٩] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الوافر] محمد تفد نفسك كلّ نفس... إذا ما خفت من شيء تبالا

هذا؛ وأجاز ابن هشام في مغني اللبيب اعتبار الفعل مجزوما بجواب الاستفهام تنزيلا للسبب، وهو الدلالة منزلة المسبب، وهو الامتثال، فيكون كلامه نقضا لما ذكره في قطر الندى.

هذا؛ وجملة: {وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} معطوفة على ما قبلها. {بِأَمْوالِكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما.

{وَأَنْفُسِكُمْ:} معطوف على ما قبله، والكاف فيهما في محل جر بالإضافة.

{ذلِكُمْ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {خَيْرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {بِأَمْوالِكُمْ:}

جار ومجرور متعلقان ب‍: {خَيْرٌ}. {إِنْ:} حرف شرط جازم. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء اسمه. {تَعْلَمُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، وجواب الشرط محذوف أيضا، التقدير: إن كنتم تعلمون: أنه خير لكم؛ فافعلوه. هذا؛ وقد جعله الزمخشري من حذف المفعول للعلم به اختصارا. وجعله البيضاوي منزلا منزلة اللازم؛ حيث قال: إن كنتم من أهل العلم؛ لأن الجاهل لا يعتد بفعله، فلا يثاب عليه، ولا يكون فيه خير. وقال الكرخي: وتفسيره أبلغ، وأدل على التوبيخ؛ لدلالته على الشك في كونهم من أهل العلم مطلقا. انتهى. جمل بتصرف. هذا؛ وجملة: {تَعْلَمُونَ} في محل نصب خبر (كان)، وجملة: {كُنْتُمْ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، والجملة الشرطية بكاملها مستأنفة، لا محل لها.

{يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢)}

الشرح: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ:} الخطاب للمؤمنين الصادقين المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. ومغفرة الذنوب هي الغاية العظمى التي يسعى لها، ويرغب فيها المؤمنون. {وَيُدْخِلْكُمْ جَنّاتٍ:} جمع جنة، انظر الاية رقم [٦٢] من سورة (الرحمن). {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا} أي: تحت أشجارها، وقصورها، وبينها. {الْأَنْهارُ:} جمع: نهر، وبالإضافة لما ذكر في سورة (محمد صلّى الله عليه وسلّم) رقم [١٥] أذكر ما يلي: عن أنس-رضي الله عنه-. قال: (لعلّكم تظنون أنّ أنهار الجنّة أخدود في الأرض، لا والله إنّها لسائحة على وجه الأرض، إحدى حافتيها اللؤلؤ، والأخرى الياقوت،

<<  <  ج: ص:  >  >>