للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانية ل‍: (كتاب)، أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدم. {مِنْهُما:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {أَهْدى} والميم والألف حرفان دالان على التثنية. {أَتَّبِعْهُ:} مجزوم بجواب الأمر.

وجزمه عند الجمهور بشرط محذوف، تقديره: إن تأتوا بكتاب؛ أتبعه، وقال الفراء: برفعه على أن الجملة صفة لكتاب أيضا، ولم يذكر: أن أحدا قرأ برفعه، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. {إِنْ:} حرف شرط جازم. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء اسمه. {صادِقِينَ:} خبر (كان) منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. وجواب الشرط محذوف، انظر تقديره في الشرح. والكلام كله في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اِتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ (٥٠)}

الشرح: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا} أي: إن لم يفعلوا ما كلفتهم به من الإتيان بكتاب هو أهدى منهما. وهذا كقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا..}. إلخ الآية رقم [٢٤] من سورة (البقرة). هذا؛ وقد تعدى الفعل باللام، وقد عدي بنفسه في قول كعب بن سعد الغنوي في رثاء أخيه: [الطويل]

وداع دعا يا من يجيب إلى النّدى... فلم يستجبه عند ذاك مجيب

والفرق بين الآية والبيت أن هذا الفعل يتعدى إلى الدعاء بنفسه، وإلى الداعي باللام، ويحذف الدعاء إذا عدي إلى الداعي في الغالب فيقال: استجاب الله دعاءه أو: استجاب له، ولا يكاد يقال: استجاب له دعاءه. وأما البيت؛ فمعناه: لم يستجب دعاءه؛ على حذف المضاف.

هذا؛ والسين والتاء زائدتان؛ لأن استجاب بمعنى: أجاب.

{فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ:} يعني: أن ما ركبوه من الكفر لا حجة لهم فيه، وإنما آثروا اتباع ما هم عليه من الهوى، وما يستحسنونه، ويحببه لهم الشيطان. {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ} أي: لا أحد أضل عن طريق الحق والصواب. {بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ} أي: بغير توفيق من الله إلى طريق الرشاد، والفلاح. {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ:} الذين ظلموا أنفسهم بالكفر وارتكاب المعاصي. بمعنى لا يرشدهم إلى الإيمان، ولا يوفقهم للعمل به. وهذا يرجع إلى علمه الأزلي بأنهم لو تركوا وشأنهم؛ لما اختاروا غير ما هم عليه من الكفر، والضلال.

فائدة: قال مكي-رحمه الله تعالى-في مثل هذا التركيب: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا:} دخلت (إن) على: {لَمْ} ليرتد الفعل إلى أصله في لفظه، وهو الاستقبال؛ لأن «لم» ترد لفظ المستقبل إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>