للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجنهم. {فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً:} فلم نترك أحدا منهم، والمغادرة: الترك، ومنه الغدر؛ لأنه ترك الوفاء. هذا؛ ويقرأ الفعل {نُسَيِّرُ} بالتاء، والبناء للمجهول، والبناء للمعلوم، ورفع الجبال معهما. هذا؛ والتعبير بالفعل الماضي في هذه الآية وما بعدها، وهو ينص على شيء يقع في المستقبل بلا ريب، إنما هو لتحقق وقوع ما يذكر، وهذا التعبير مستعمل في القرآن الكريم بكثرة. هذا؛ و {الْجِبالَ} مفرده جبل ويجمع على: أجبل، وأجبال أيضا.

الإعراب: {وَيَوْمَ:} الواو: حرف عطف. (يوم): معطوف على الظرف {عِنْدَ} التقدير:

وخير يوم، أو هو مفعول به لفعل محذوف، التقدير: واذكر يوم.. إلخ وتكون هذه الجملة معطوفة على جملة: {وَاضْرِبْ..}. إلخ وما بينهما اعتراض. {نُسَيِّرُ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {الْجِبالَ:} مفعول به، وعلى القراءتين الأخريين هو فاعل، أو نائب فاعل، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة يوم إليها. {وَتَرَى:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، والفاعل مستتر تقديره: «أنت». {الْأَرْضَ:} مفعول به. {بارِزَةً:} حال من الأرض؛ لأن الفعل بصري، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها.

{وَحَشَرْناهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر أيضا، أو هي في محل نصب حال من الأرض على تقدير قد قبلها، والرابط: الواو فقط على حد قوله تعالى: {قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ}. {فَلَمْ:} الفاء: حرف عطف.

لم: حرف جازم. {نُغادِرْ:} مضارع مجزوم ب‍: (لم)، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». منهم:

متعلقان بمحذوف حال من أحدا، كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا على نحو ما رأيت في الآية رقم [٩] {أَحَداً:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها. والعطف هو الأقوى.

{وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (٤٨)}

الشرح: {وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا:} قال مقاتل: يعرض الخلق صفا بعد صف كالصفوف في الصلاة، كل أمة، وزمرة صفا، لا أنهم صف واحد. وقيل: جميعا. وقيل: قياما، وخرج الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن منده في كتاب التوحيد عن معاذ بن جبل-رضي الله عنه-:

أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الله تبارك وتعالى ينادي يوم القيامة بصوت رفيع غير فظيع: يا عبادي أنا الله، لا إله إلاّ أنا أرحم الرّاحمين، وأحكم الحاكمين، وأسرع الحاسبين، يا عبادي لا خوف عليكم اليوم، ولا أنتم تحزنون، أحضروا حجّتكم ويسّروا جوابا، فإنكم مسئولون محاسبون، يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفا على أطراف أنامل أقدامهم للحساب». انتهى. قرطبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>