للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط، والفاعل يعود إلى (من) والمفعول محذوف، التقدير: فعليه صيام، أو هو خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: فالواجب صيام، والجملة في محلّ جزم جواب الشرط، وخبر المبتدأ الذي هو (من) على اعتباره شرطا، أو موصولا تقدّم مثله آنفا، و (صيام) مضاف، و {شَهْرَيْنِ:}

مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنّه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {مُتَتابِعَيْنِ:} صفة: {شَهْرَيْنِ،} والجملة الاسمية: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ..}.

إلخ مستأنفة، لا محلّ لها.

{تَوْبَةً:} حال من القاتل المكفّر عن فعله، أو هو مفعول مطلق لفعل محذوف، التقدير:

فليتب توبة. وقال أبو البقاء، ومكيّ: مفعول لأجله. {مِنَ اللهِ:} متعلقان ب‍ {تَوْبَةً} أو بمحذوف صفة لها، وجملة: {وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً} مستأنفة، لا محلّ لها.

{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (٩٣)}

الشرح: نزلت الآية الكريمة في مقيس بن ضبابة الكناني، وكان قد أسلم هو وأخوه هشام، فوجد أخاه هشاما قتيلا في محلّة بني النجار، فأخبر بذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم فكتب له إليهم يقول: إن علمتم قاتل هشام بن ضبابة؛ فادفعوه إلى أخيه مقيسة ليقتصّ منه، وإن لم تعلموه؛ فادفعوا إليه دية أخيه، وكان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قد أرسل مع مقيس رجلا من بني فهر، فقال بنو النجار: سمعا وطاعة لله ولرسوله، والله ما نعلم قاتلا، ولكنّا نؤدي إليه دية أخيه، فأعطوه مائة من الإبل، وانصرف مقيس، والفهري راجعين نحو المدينة، فأتى الشيطان مقيسا، فوسوس إليه، فقال له:

تقبل دية أخيك لتكون عليك سبّة، اقتل الفهري الذي معك، فتكون نفس مكان نفس، وفضل الدية لك، فتغفل الفهري، فرماه بصخرة فقتله، ثم ركب بعيرا، وساق بقيتها راجعا إلى مكّة كافرا، وقال في ذلك: [الطويل]

قتلت به فهرا وحمّلت عقله... سراة بني النّجار أرباب فارع

حللت به وترى وأدركت ثورتي... وكنت إلى الأصنام أوّل راجع

فارع: حصن بالمدينة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا أؤمّنه في حلّ ولا حرم» وأمر بقتله يوم فتح مكة، وهو متعلّق بأستار الكعبة.

هذا؛ والقتل ثلاثة أنواع: قتل الخطأ، وقد ذكر في الآية السابقة، وقتل شبه العمد، وهو متردّد متوسّط بين الخطأ والعمد، فالضرب مقصود والقتل غير مقصود به، فيسقط القود، وتغلّظ الدية، وتلزم الكفارة، وبمثل ذلك جاءت السنّة المطهّرة. فقد روى أبو داود من حديث عبد الله بن

<<  <  ج: ص:  >  >>