للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الجمادات، وإنما يعزى لهم ذلك على وجه التبكيت؛ لأنه يلزم من دعوى الألوهية لها دعوى الإنشار؛ لأن العاجز عنه، لا يصح أن يكون إلها؛ إذ لا يستحق هذا الاسم إلا القادر على كل مقدور. والإنشار من جملة المقدورات، وقد عوملت الأصنام وهي لا تعقل معاملة المذكر العاقل؛ حيث جمعت جمعه. انظر الآية رقم [٥٨] الآتية.

الإعراب: {أَمِ:} حرف عطف بمعنى: «بل» كما رأيت. {اِتَّخَذُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {آلِهَةً:} مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {مِنَ الْأَرْضِ:}

متعلقان بمحذوف صفة {آلِهَةً،} أو هما متعلقان بالفعل قبلهما. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُنْشِرُونَ:} مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، أو هي في محل نصب صفة ل‍: {آلِهَةً}.

{لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ (٢٢)}

الشرح: {لَوْ كانَ فِيهِما:} في السموات والأرض. {آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ:} غير الله، ف‍:

{إِلاَّ} بمعنى «غير» هنا، وهي صفة آلهة: فوصفت بها كما توصف ب‍: «غير» لو قيل: آلهة غير الله. واعتبره ابن هشام في المغني من تقارض اللفظين في الأحكام، قال: من ملح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام، ولذلك أمثله: أحدهما إعطاء (غير) حكم (إلا) في الاستثناء بها، نحو قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} فيمن نصب غير، وإعطاء (إلا) حكم غير في الوصف بها، نحو قوله تعالى: {لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا} وانظر الشاهد رقم [١١٩٥] وما بعده من كتابنا فتح القريب المجيب تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

ولا يجوز رفع ما بعدها على البدل من {آلِهَةٌ؛} لأن الكلام قبل {إِلاَّ} تام موجب، والبدل لا يسوغ إلا في الكلام التام المنفي، كقوله تعالى: {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ} في قراءة الرفع، ولا يجوز نصبه على الاستثناء لفساد المعنى؛ ولأن الجمع إذا كان منكرا لا يجوز أن يستثنى منه عند المحققين؛ لأنه لا عموم له بحيث يدخل فيه المستثنى لولا الاستثناء، ولهذه المسألة نظائر في الشعر العربي، مثل قول ذي الرمة: [الطويل]

أنيخت، فألقت بلدة فوق بلدة... قليل بها الأصوات إلا بغامها

وقول لبيد بن ربيعة العامري الصحابي، رضي الله عنه: [البسيط]

لو كان غيري-سليمى-الدّهر غيّره... وقع الحوادث إلا الصّارم الذّكر

وهما الشاهدان رقم [١١٣ و ١١٤] من كتابنا فتح القريب المجيب إعراب شواهد مغني اللبيب. {لَفَسَدَتا:} لخرجتا عن نظامهما المشاهد؛ لوجود التمانع بين الآلهة على وفق العادة

<<  <  ج: ص:  >  >>