للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قبلها لا محل لها أيضا. هذا؛ وقد قال النسفي: الإرسال يعدى ب‍: «إلى» ولم يعد ب‍: «في» إلا هنا، وفي قوله تعالى: {كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ} وقوله تعالى: {وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ} ولكن الأمة، والقرية جعلت موضعا للإرسال ومثله قول رؤبة: [الرجز]

أرسلت فيهم مصعبا ذا إقحام... طبّا فقيها بذوات الأبلام

{أَنِ:} مفسرة؛ لأنّ (أرسلنا) متضمن معنى القول دون حروفه، وأجيز اعتبارها مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: بأن، وانظر بقية الإعراب في الآية رقم [٢٣]. هذا؛ ورؤبة يصف ممدوحه بأنه مسوّد في قومه ذو شجاعة فائقة، وبأنّه حاذق ماهر في حل القضايا المعقدة مثل الطبيب الماهر بجراحة النساء في أرحامهنّ.

{وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمّا تَشْرَبُونَ (٣٣)}

الشرح: {وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا:} هو مثل الآية رقم [٢٤] بلا فارق، والتقديم والتأخير في بعض الكلمات إنما هو للتفنن، وعطف الجملة هنا بالواو، وتلك بالفاء؛ لأن ما هنا عطف لما قالوه على ما قاله الرسول. ومعناه: أنه اجتمع في الحصول هذا الحق، وهذا الباطل، وليس بجواب للرسول متصل بكلامه، ولم يكن بالفاء، وجيء بالفاء في قصة نوح؛ لأنه جواب لقوله واقع عقيبه. انتهى. نسفي.

{وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ} أي: بلقاء ما فيها من الحساب، والثواب، والعقاب، وغير ذلك.

{وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} أي: وسعنا عليهم نعم الدنيا؛ حتى بطروا بسبب كثرة الأموال، والأولاد، مع الصحة، والعافية، وراحة البال، وهناءة الضمير. {ما هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ..}.

إلخ: انظر الآية رقم [٢٤] فهو مثله، مع زيادة إيضاح هنا.

الإعراب: {وَقالَ الْمَلَأُ:} ماض، وفاعله، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: (أرسلنا...) إلخ {مِنْ قَوْمِهِ:} متعلقان بمحذوف حال من {الْمَلَأُ} على اعتبار (أل) فيه للتعريف، أو بمحذوف صفة له على اعتبارها للجنس، والهاء في محل جر بالإضافة. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة {قَوْمِهِ} أو بدل منه، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول لا محل لها، وجملة: (كذبوا بلقاء) معطوفة عليها لا محل لها مثلها، و (لقاء) مضاف، و {الْآخِرَةِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف؛ إذ التقدير: ولقائهم الآخرة. {وَأَتْرَفْناهُمْ:} ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على جملة الصلة،

<<  <  ج: ص:  >  >>