عدم الولد، فقال: استغفر الله، ثم تلا عليهم جميعا قوله تعالى حكاية عن قول نوح عليه السّلام لقومه:{اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً} {يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً}.
الإعراب:{وَيا قَوْمِ}: منادى انظر تفصيله في الآية رقم [٢٨]. {اِسْتَغْفِرُوا}: أمر، والواو فاعله، والألف للتفريق، وانظر إعراب:{تُوبُوا} في الآية رقم [٣]{رَبَّكُمْ}: مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {ثُمَّ}:
حرف عطف. {إِلَيْهِ}: جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {يُرْسِلِ}: مضارع مجزوم لوقوعه جوابا للأمر، وجزمه عند الجمهور بشرط مقدر، التقدير: إن تستغفروا؛ يرسل، والفاعل يعود إلى {رَبَّكُمْ}. {السَّماءَ}: مفعول به. {عَلَيْكُمْ}: متعلقان بالفعل {يُرْسِلِ}. {مِدْراراً}:
حال من {السَّماءَ}. (يزدكم): معطوف على {يُرْسِلِ،} والفاعل يعود إلى: {رَبَّكُمْ،} والكاف مفعول به أول. {قُوَّةً}: مفعول به ثان. {إِلى قُوَّتِكُمْ}: متعلقان بمحذوف صفة: {قُوَّةً،} و {إِلى} بمعنى (مع) هنا، كما في آية الوضوء، والكاف في محل جر بالإضافة. {وَلا}: الواو:
حرف عطف. (لا): ناهية. {تَتَوَلَّوْا}: مضارع مجزوم ب (لا) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {مُجْرِمِينَ}: حال من واو الجماعة منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، ولعلك تدرك معي: أن الآية بكاملها من مقول هود عليه السّلام، أي: فهي في محل نصب مقول القول. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
{قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣)}
الشرح:{قالُوا يا هُودُ} أي: قالوا ذلك استهزاء وتكبرا وعنادا. {ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ}:
بمعجزة أو بحجة، وبرهان على صحة دعواك، وصدق قولك، قال الجمل: وكانت معجزته ما يأتي في قوله: {فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ} حيث عصمه الله منهم مع قدرتهم على ما هددوه به، وقيل: هي الريح الصرصر المذكورة في سورة الحاقة. انتهى.
أقول: الريح ليست بمعجزة؛ لأنها أهلكتهم، وقد ذكرت في سورة (الأعراف): أن القرآن الكريم لم يذكر لهود معجزة كما ذكر لصالح، وموسى، وعيسى، ومحمد صلّى الله عليه وسلّم. {وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ} أي: لا نترك عبادة الأوثان من أجل قولك، ودعوتك، وهذا تيئيس منهم لهود عليه السّلام. {وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} أي: بمصدقين ما تقول، وتدعيه، وهذا تأكيد لإقامتهم على الكفر، وإقناط لهود من الإجابة.