الإعراب:{أَمْ:} حرف عطف، وهي منقطعة عمّا قبلها لتضمّنها الاستفهام الإنكاري.
{لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم. {نَصِيبٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مبتدأة، أو مستأنفة لا محلّ لها. {مِنَ الْمُلْكِ:} متعلقان ب {نَصِيبٌ} أو بمحذوف صفة له.
{فَإِذاً:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنّها أفصحت عن شرط مقدّر، التقدير: وإذا كان لهم نصيب من الملك؛ فإذا. (إذا): حرف جواب وجزاء مهمل لا عمل له، وهو يكتب بالنون عند الجمهور، وأجاز الفرّاء كتابته بالتنوين. {لا:} نافية. {يُؤْتُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، وقرئ بحذف النون، وذلك على إعمال (إذن). {النّاسَ:} مفعول به أول.
{نَقِيراً:} مفعول به ثان، أو هو صفة لمفعول مطلق محذوف، والجملة الفعلية:(إذا...) إلخ لا محل لها؛ لأنّها جواب للشّرط المقدّر ب «إذا» وبعضهم يقدّره ب «لو كان لهم... إلخ» وعلى التقديرين، فالجملة الشّرطية كلام مفرّع عمّا قبله، لا محلّ له.
الشرح:{أَمْ يَحْسُدُونَ} أي: اليهود يحسدون. {النّاسَ:} المراد به النبي صلّى الله عليه وسلّم وحده، وإنّما جاز أن يقع عليه لفظ الجمع، وهو واحد؛ لأنّه صلّى الله عليه وسلّم اجتمع فيه من خصال الخير، والبركة، ما لا يجتمع مثله في جماعة. ومن هذا القبيل، يقال: فلان أمّة وحده. يعني: أنّه يقوم مقام أمّة. قال تعالى في سورة (النحل) في حقّ إبراهيم-على نبينا وعليه ألف صلاة وألف سلام-: {إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ}. هذا؛ وقد أطلق الله لفظ:{النّاسَ} على نعيم بن مسعود في سورة (آل عمران) فقال عزّ وجل: {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}. وقيل: المراد ب {النّاسَ} النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه؛ لأنّ لفظ «الناس» جمع، وحمله على الجمع أولى.
والمراد بالفضل: النبوة؛ لأنّها أعظم المناصب، وأشرف المراتب، وكذلك حسدوه على النّصرة، والإعزاز، والقوّة. وقيل: حسدوه على ما أحلّ الله له من النّساء، وكان له يومئذ تسع نسوة، فقالت اليهود: لو كان محمد نبيّا؛ لشغله أمر النبوة عن الاهتمام بأمر النساء. {فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ:} المراد بآل إبراهيم: ذريته الأكرمون، مثل: يوسف، وموسى، وهارون، وداود، وسليمان، وغيرهم، على نبينا، وعليهم جميعا ألف صلاة وألف سلام. والمراد ب {الْكِتابَ:} التوراة، والزّبور، والإنجيل. والمراد ب ({الْحِكْمَةَ}) النبوّة. {وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً:} هو ما وهبه الله لداود، وسليمان من الملك العظيم المذكور في القرآن هنا. وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: المعنى: أم يحسدون محمدا صلّى الله عليه وسلّم على ما أحلّ الله له من النّساء، فيكون المراد بالملك العظيم على هذا هو ما أحلّه الله لداود، ولسليمان، فإنّه كان لداود مائة امرأة، ولسليمان ألف امرأة: