للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وقرئ بالجر على أنه بدل من: {الْحَيِّ}. ويجوز فيه النصب على تقدير: أعني الرحمن، ولم يقرأ به أحد. {فَسْئَلْ:} الفاء: زائدة على وجه رأيته، وهي حرف استئناف على غيره، ويكون الوقف على {الرَّحْمنُ}. (اسأل): فعل أمر، وفاعله مستتر وجوبا تقديره: «أنت».

{بِهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما على اعتبار الباء بمعنى «عن»، ومتعلقان بما بعدهما على إبقائها على ظاهرها. {خَبِيراً:} مفعول به، وقيل: حال، ولا وجه له، وجملة:

{فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} مستأنفة، لا محل لها، أو هي خبر المبتدأ على وجه مر ذكره في الرحمن.

{وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اُسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠)}

الشرح: {وَإِذا قِيلَ لَهُمُ} أي: لمشركي قريش. {اُسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ} أي: لله تعالى، ومن أسمائه: الرحمن. {قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ:} على جهة الإنكار، والتعجب، أي: ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة. يعنون: مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكأنهم فهموا:

أن تعدد الأسماء يدل على تعدد المسمى، وقد رد الله عليهم بقوله: {قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} الآية رقم [١١٠] من سورة (الإسراء).

{أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا} أي: تأمرنا أنت يا محمد، وقرئ بالياء، يعنون الرحمن، أو الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ويكون من قول بعضهم لبعض، وعلى القراءتين فالاستفهام تعجبي إنكاري. {وَزادَهُمْ نُفُوراً} أي:

زادهم قول القائل لهم: {اُسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ} نفورا عن الدين، وكان سفيان الثوري رحمه الله تعالى يقول في هذه الآية: إلهي زادني لك خضوعا ما زاد عداك نفورا؟. انتهى. وأنا أقول: اللهم زدني لك خضوعا ما زاد الفاسدين المفسدين نفورا عن الحق والدين. هذا؛ وفي هذه الآية سجدة، فيسن للقارئ، والسامع، والمستمع السجود عند تلاوتها. وانظر ما ذكرته في الآية الأخيرة من سورة (الأعراف)، والآية رقم [٥٠] من سورة (النحل) أيضا.

الإعراب: {وَإِذا:} الواو: حرف استئناف، (إذا): ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {قِيلَ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره: «هو»، يعود إلى المصدر المفهوم من الفعل، أو هو محذوف يدل عليه المقام، التقدير: وإذا قيل قول، وقيل: الجار، والمجرور {لَهُمُ} متعلقان بمحذوف في محل رفع نائب فاعل. وقيل: جملة: {اُسْجُدُوا..}. إلخ في محل رفع نائب فاعل، وهذا على قول من يجيز وقوع الجملة فاعلا، ويكون جاريا على القاعدة في بناء الفعل للمجهول: «يحذف الفاعل، ويقام المفعول به مقامه». وهذا كلام لا غبار عليه، انظر الشاهد رقم [٧٩٣] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» والكلام عليه. {لَهُمُ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما في محل نائب فاعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>