الشرح:{قالُوا} أي: مجيبين لموسى عليه السّلام حين وبخهم على عبادة العجل. {ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا:} بقدرتنا، وطاقتنا، أو بإرادتنا، وهو يقرأ بتثليث الميم. {وَلكِنّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} أي: حملنا أحمالا من حلي القبط التي استعرناها منهم حين هممنا بالخروج من مصر باسم عرس، أو بحجة عيد لنا، ثم لم يردوها عند الخروج مخافة أن يعلموا بهم. وقيل:
هي ما ألقاه البحر على الساحل بعد إغراقهم، فأخذه بنو إسرائيل، ولعلهم سموها، أوزارا؛ لأنها آثام، فإن الغنائم لم تكن تحل لهم، أو؛ لأنهم كانوا مستأمنين، وليس للمستأمن أن يأخذ مال الحربي إذا كان مستأمنا.
{فَقَذَفْناها} أي: في النار. {فَكَذلِكَ أَلْقَى السّامِرِيُّ} أي: ما كان معه منها. روي أنّ السامري قال لهم حين استبطأ القوم موسى: إنما احتبس عليكم من أجل ما معكم من الحلي، فجمعوه وأعطوه للسامري، فرمى به في النار، فذاب الذهب، وصاغ لهم منه عجلا، ثم ألقى عليه قبضة تراب من أثر فرس جبريل، عليه السّلام. وكان الخبيث قد رأى فرس جبريل عند سوقه القبط لا يدوس على تراب إلا نبت الحشيش مكان قدمه فأخذ تلك القبضة، واحتفظ بها. وقال: سيكون لها شأن. فعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: مر هارون بالسامري، وهو يصنع العجل، فقال: ما هذا؟ فقال: ينفع، ولا يضر، فادع لي، فقال هارون عليه السّلام: اللهم أعطه ما سألك على ما في نفسه، فألقى قبضة التراب في جوفه، فجعل يخور، وهو ما في الآية التالية.
الإعراب:{قالُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {ما:} نافية. {أَخْلَفْنا:} فعل، وفاعل. {مَوْعِدَكَ:} مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر الميمي لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {بِمَلْكِنا:} متعلقان بالفعل قبلهما. وقيل: متعلقان بمحذوف حال من (نا)، والمعنى لا يؤيده. و (نا): في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، ومفعوله محذوف؛ إذ التقدير: بملكنا الصواب، أو بملكنا قدرتنا. {وَلكِنّا:} الواو: حرف عطف. (لكنّا):
حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، وحذفت نونها، وبقيت ألفها. {حُمِّلْنا:} ماض، ونائب فاعله، أو هو ماض، وفاعله على قراءة التخفيف. {أَوْزاراً:} مفعول به ثان. {مِنْ زِينَةِ:} متعلقان بمحذوف صفة {أَوْزاراً،} و {زِينَةِ:} مضاف، و {الْقَوْمِ} مضاف إليه، وجملة:{حُمِّلْنا..}. إلخ في محل رفع خبر (لكنّ)، والجملة الاسمية:{وَلكِنّا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها.
{فَقَذَفْناها:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، وقبلها كلام مقدر؛ أي: فقال لنا السامري اقذفوها في النار... إلخ. {فَكَذلِكَ:} الفاء: حرف