{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٩١)}
الشرح: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ:} الزلزلة الشديدة، وفي سورة (الحجر): {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} ولعلها كانت من مبادئها. {فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ:} انظر الآية رقم [٧٨].
قال ابن عباس، وغيره: فتح الله عليهم بابا من جهنم، فأرسل عليهم حرّا شديدا من جهنم، فأخذ بأنفاسهم، فلم ينفعهم ظل، ولا ماء، فدخلوا في الأسراب؛ ليبردوا فيها، فوجدوها أشد حرّا من الظاهر، فخرجوا هربا إلى البرية، فبعث الله عليهم سحابة فيها ريح طيبة باردة، فأظلتهم، وهي الظلة المذكورة في سورة (الشعراء) فوجدوا لها بردا ونسيما، فنادى بعضهم بعضا، حتى إذا اجتمعوا تحت السحابة: رجالهم، ونساؤهم، وصبيانهم؛ ألهبها الله عليهم نارا، ورجفت بهم الأرض من تحتهم، فاحترقوا كاحتراق الجراد المقلي، وصاروا رمادا. انتهى.
خازن، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب: انظر إعراب الآية بكاملها برقم [٧٨].
{الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ (٩٢)}
الشرح: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً:} أعرضوا عن الإيمان به، وجادلوه بالباطل. وانظر شرح (شعيب) في الآية رقم [٨٥]. {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}. كأنهم لم يقيموا في ديارهم، ولم ينزلوها في يوم من الأيام، يقال: غنيت بالمكان. أي: أقمت به، والمغاني: المنازل التي بها أهلها، واحدها: مغنى، قال الشاعر: [الكامل]
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة... في ظلّ ملك ثابت الأوتاد
وقال المتنبي في وصف شعب بوان: [الوافر]
مغاني الشّعب طيبا في المغاني... بمنزلة الربيع من الزمان
هذا؛ وانظر إعلال مثل: {يَغْنَوْا} في الآية رقم [٢٥]. {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ} أي: خسروا أنفسهم بهلاكهم دنيا، وأخرى، لا الذين صدقوا شعيبا، واتبعوه، كما زعموا، فإنهم هم الرابحون في الدارين. وللتنبيه على هذا؛ والمبالغة فيه كرر الموصول، واستأنف بالجملتين، وأتى بهما اسميتين. انتهى. بيضاوي.
الإعراب: {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {كَذَّبُوا:} فعل، وفاعل، والألف للتفريق. وانظر إعراب: {قالُوا} في الآية رقم [٥] والجملة الفعلية صلة