للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتبار اللام أصلية جارة؛ لأن المعنى لا يؤيده. هذا؛ ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٧١]: {وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ،} ورقم [٢٦] من سورة (النساء): {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ..}.

إلخ، ورقم [٣٣] من سورة (الأحزاب): {إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ..}. إلخ، وقد أجيز في هذه الآيات اعتبار اللام جارة، واعتبارها زائدة، انظرها في محالها، ومثل هذه الآيات قول كثير عزة، وهو الشاهد رقم (٣٩٤) من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]

أريد لأنسى ذكرها فكأنّما... تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل

{قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (١٤)}

الشرح: {قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي:} بترك الإخلاص، والميل إلى ما أنتم عليه من الشرك، والرياء، وذلك: أن كفار قريش قالوا له صلّى الله عليه وسلّم: ما حملك على هذا الذي أتيتنا به، ألا تنظر إلى ملة أبيك، وجدك، وقومك، فتأخذ بها؟ فأنزل الله هذه الآية. ومعناها: زجر الغير عن المعاصي؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم مع جلالة قدره، وشرف طهارته، ونزاهته، ومنصب نبوته؛ إذا كان خائفا حذرا من المعاصي؛ فغيره أولى. {عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ:} المراد به يوم القيامة، وصف بالعظم لعظمة ما فيه. {قُلِ اللهَ أَعْبُدُ..}. إلخ: ليس هذا بتكرار؛ لأن الأول الإخبار بأنه مأمور من جهة الله تعالى بالإتيان بالعبادة والإخلاص، والثاني: أنه إخبار بأنه أمر بأن يخص الله تعالى وحده بالعبادة، ولا يعبد أحدا غيره، مخلصا له دينه؛ لأنّ قوله: {أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ} لا يفيد الحصر، وقوله:

{اللهَ أَعْبُدُ} يفيد الحصر، والمعنى الله أعبد، ولا أعبد أحدا غيره، ثم أتبعه بما يلي:

هذا؛ وقال الجمل نقلا عن أبي السعود: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أولا بأن يخبرهم بأنه مأمور بالعبادة، والإخلاص فيها، وثانيا بأن يخبرهم بأنه مأمور بأن يكون أول من أطاع، وانقاد وأسلم، وثالثا بأن يخبرهم بخوفه من العذاب على تقدير العصيان، ورابعا بأن يخبرهم بأنه امتثل الأمر، وانقاد، وعبد الله تعالى، وأخلص له الدين على أبلغ وجه، وأوكده، إظهارا لتصلبه في الدين، وحسما لأطماعهم الفارغة، وتمهيدا لتهديدهم، بقوله: {فَاعْبُدُوا..}. إلخ. انتهى.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها. {أَخافُ:} فعل مضارع، وفاعله مستتر تقديره: «أنا»، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {إِنْ:} حرف شرط جازم. {عَصَيْتُ:} فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء فاعله. {رَبِّي:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية لا محل لها؛

<<  <  ج: ص:  >  >>