سورة (الناس) نزلت مع سورة (الفلق) جملة واحدة. وهي ست آيات، وعشرون كلمة، وتسعة وسبعون حرفا. انتهى. خازن. هذا؛ وروى الترمذي عن عقبة بن عامر الجهني-رضي الله عنه-، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«قد أنزل عليّ آيات لم ير مثلهن: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ..}. إلخ و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ..}. إلخ». قال: هذا حديث حسن صحيح، ورواه مسلم أيضا. وانظر ما ذكرته في أول سورة (الفلق).
الشرح:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ:} إنما خصص الناس بالذكر؛ وإن كان رب جميع المحدثات؛ لأنه لما أمر بالاستعاذة من شر الوسواس، فكأنه قال: أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك عليهم أمورهم، وهو إلههم، ومعبودهم، فإنه هو الذي يعيذ من شرهم.
وقيل: إن أشرف المخلوقات هم الناس، فلهذا خصهم بالذكر. والمعنى: قل يا محمد:
أعتصم، وألتجئ برب الناس؛ أي: بخالق الناس، ومربيهم، ومدبر شؤونهم؛ الذي أحياهم، وأوجدهم من العدم، وأنعم عليهم بأنواع النعم. وخصهم بالذكر، وإن كان جلت قدرته رب جميع الخلائق تشريفا، وتكريما لهم حيث سخر لهم سبحانه ما في الكون، وأمدهم بالعقل، والفهم، والعلم، وفضلهم على سائر الخلق، كما قال تعالى في سورة (الإسراء) رقم [٧٠]:
{مَلِكِ النّاسِ} أي: مالك جميع الخلق حاكمين، ومحكومين ملكا تاما، شاملا عاما، يحكمهم، ويضبط أعمالهم، ويدبر شؤونهم، فيتصرف بهم كيف يشاء، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.