للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنّا..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، مستأنقة. {لِنَجْعَلَها:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، و (ها) مفعول به أول. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {تَذْكِرَةً} بعدهما، أو بمحذوف حال منه، كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، على القاعدة: «نعت النكرة إذا تقدم عليها؛ صار حالا». {تَذْكِرَةً:}

مفعول به ثان، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هذه الفعلة فعلناها؛ لجعلها لكم تذكرة، وقيل: الجار، والمجرور متعلقان بالفعل {حَمَلْناكُمْ،} والأول أقوى. {وَتَعِيَها:}

الواو: حرف عطف. (تعيها): معطوف على ما قبله منصوب مثله، و (ها): مفعول به. {أُذُنٌ:}

فاعله. {واعِيَةٌ:} صفة {أُذُنٌ}.

خاتمة:

قال الزمخشري في الكشاف: فإن قلت: لم قيل: {أُذُنٌ واعِيَةٌ} على التوحيد، والتنكير؟ قلت: للإيذان بأنّ الوعاة فيهم قلة، ولتوبيخ الناس بقلة من يعي منهم، وللدلالة على أن الأذن الواحدة إذا وعت، وعقلت عن الله، فهي السواد الأعظم عند الله، وأن ما سواها لا يبالي بهم بالة، وإن ملؤوا ما بين الخافقين. قال أحمد محشي الكشاف: هو مثل قوله تعالى في سورة (الحشر) رقم [١٨]: {وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ} وقد ذكر أن فائدة التنكير والتوحيد فيه الإشعار بقلة الناظرين، انتهى. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

{فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً (١٤)}

الشرح: {فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ..}. إلخ: الصور كهيئة البوق. قاله مجاهد، ويدل على صحته ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه-قال: جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال:

ما الصّور؟ قال: «قرن ينفخ فيه». أخرجه أبو داود، والترمذي-رحمهما الله تعالى-وقال أبو هريرة-رضي الله عنه-قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله لما فرغ من خلق السموات والأرض؛ خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه، شاخص ببصره إلى العرش، ينظر متى يؤمر بالنفخة». قلت: يا رسول الله! ما الصور؟ قال: «قرن والله عظيم، والذي بعثني بالحق إن عظم دارة فيه، كعرض السماء والأرض». وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كيف أنتم؛ وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه، ينتظر أن يؤمر أن ينفخ؟!». وكأن ذلك ثقل على أصحابه، فقالوا: كيف نفعل يا رسول الله؟ وكيف نقول؟ فقال: «قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا-وربما قال-: توكلنا على الله». أخرجه الترمذي. وسعة فم الصور كما بين السماء والأرض. وفيه ثقوب بعدد الأرواح كلها، وتجمع الأرواح في تلك الثقوب، فيخرج بالنفخة الثانية من كلّ ثقب روح إلى الجسد الذي نزعت منه،

<<  <  ج: ص:  >  >>