للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. وجملة: {يَسْتَبْشِرُونَ} في محل رفع خبره، والجملة الاسمية في محل جر بإضافة {إِذا} إليها على اعتبارها ظرفا، وواقعة جوابا ل‍: (إذا) الظرفية على اعتبارها حرفا، و {إِذا} ومدخولها معطوف على ما قبله لا محل له مثله.

{قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦)}

الشرح: {قُلِ:} أمر، وخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وينبغي لكل مؤمن أن يقرأ هذه الآية في مقدمة سؤاله الله شيئا من أمور الدنيا، والآخرة. قال سعيد بن جبير-رحمه الله تعالى-: إني لأعرف آية ما قرأها أحد قط فسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه، قوله تعالى: {قُلِ اللهُمَّ..}. إلخ. وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، قال: سألت عائشة-رضي الله عنها-: بأي شيء كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته، قال: «اللهم ربّ جبريل، وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم». أخرجه مسلم.

{اللهُمَّ:} أصله: يا الله، فحذفت أداة النداء، وعوض عنها الميم المشددة في الآخر، ولا يجمع بين العوض والمعوض عنه إلا في ضرورة الشعر، كما في قول أمية بن أبي الصلت، انظر الشاهد رقم [٤٤٦] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الرجز]

إنّي إذا ما حدث ألمّا... أقول يا اللهمّ يا اللهمّا

وهذا الحذف والتعويض من خصائص الاسم الكريم، كدخول «يا» عليه مع لام التعريف، وقطع همزته، وتاء القسم. {فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: خالقهما، ومبتدعهما على غير مثال سبق. هذا؛ والفطر: الشق عن الشيء، يقال: فطرته، فانفطر، قال تعالى: {السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} ومنه: فطر ناب البعير: طلع، فهو بعير فاطر، وتفطّر الشيء: تشقّق، وسيف فطار؛ أي: فيه تشقق، قال عنترة: [الوافر]

وسيفي كالعقيقة فهو كمعي... سلاحي لا أفلّ، ولا فطارا

وكمعي: ضجيعي، والفطر: الاختراع، والابتداع، والابتداء. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كنت لا أدري ما {فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها. أي: أنا ابتدأتها. والفطر: حلب الناقة بالسبابة، والإبهام. والمراد:

بذكر السموات والأرض: العالم كله، ويستدل بهذا على أن من قدر على الابتداء قادر على

<<  <  ج: ص:  >  >>