للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى في سورة (يس): {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ} وقال في سورة (الجمعة):

{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً،} وجملة: ({لا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً}):

معطوفة عليها على الوجهين المعتبرين فيها، وقال مكيّ-رحمه الله تعالى-: جملة: {لا يَسْتَطِيعُونَ..}.

إلخ والتي بعدها: في موضع نصب على الحال من {الْمُسْتَضْعَفِينَ} والمعتمد ما قدّمته.

{فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩)}

الشرح: {فَأُولئِكَ:} الإشارة إلى المستضعفين المذكورين في الآية السابقة. {عَسَى اللهُ:}

عسى هي مفيدة للتّحقيق والتأكيد، وإن كانت في كلام المخلوقين تفيد الرّجاء، والطّمع؛ لأنّ المخلوق هو الذي تعرض له الشّكوك، والظّنون، والله منزّه عن ذلك. انتهى. نقلا من كرخي.

وهو فعل جامد لا يأتي منه مضارع، ولا أمر. {أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ:} أن يصفح عنهم، ويغفر ذنوبهم، ويتجاوز عن سيئاتهم، والفعل «يعفو» بهذا المعنى كثير في القرآن الكريم، كما يأتي «عفا» بمعنى الكثرة. قال تعالى في الآية رقم [٩٥] من سورة (الأعراف): {ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتّى عَفَوْا} أي: حتى كثروا، ونموا في أنفسهم، وأموالهم، من قولهم: عفا النبات، وعفا الشّحم، والوبر: إذا كثر. قال الحطيئة: [الطويل]

بمستأسد الغربان عاف نباته... بأسؤق عافيات الشّحم كوم

وعفا المنزل، يعفو، عفاء: إذا انمحت آثاره، وذهبت معالمه، قال الأخطل التّغلبيّ-وهو الشاهد رقم [٤٩٨] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [البسيط]

وبالصّريمة منهم منزل خلق... عاف تغيّر إلاّ النؤي والوتد

وعفو المال: ما يفضل عن النّفقة. قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢١٩]: {وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} والعافي: طالب المعروف، والإحسان، قال عروة بن الورد العبسي المعروف ب‍ «عروة الصّعاليك»: [الطويل]

وإنّي امرؤ عافي إنائي شركة... وأنت امرؤ عافي إنائك واحد

وجمع العافي: عفاة، قال الأعشى في مدح ممدوحه: [المتقارب]

تطوف العفاة بأبوابه... كطوف النّصارى ببيت الوثن

{وَكانَ اللهُ عَفُوًّا:} صيغة مبالغة من العفو. {غَفُوراً:} صيغة مبالغة أيضا. هذا؛ وانظر ما ذكرته في شرح (كان) في الآية رقم [١] من هذه السّورة.

{اللهُ:} علم على الذات الواجب الوجود، المستحق لجميع المحامد، وهو اسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به؛ أجاب، وإذا سئل به؛ أعطى، وإنّما تخلّفت الإجابة في بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>