للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر {إِنَّ} تقدم على اسمها، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {لَآياتٍ:} اللام: لام الابتداء. (آيات): اسم {إِنَّ} مؤخر منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {لِقَوْمٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة (آيات)، وجملة: {يُؤْمِنُونَ} في محل جر صفة: قوم، والجملة الاسمية:

{إِنَّ..}. إلخ مستأنفة، أو ابتدائية، لا محل لها على الاعتبارين.

{وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (٨٧)}

الشرح: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ:} الصور: كهيئة البوق، قاله مجاهد. ويدل على صحته ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه-قال: جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ما الصّور؟ قال: «قرن ينفخ فيه». أخرجه أبو داود والترمذي، قال أبو هريرة-رضي الله عنه-، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله لمّا فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصّور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه، شاخص ببصره إلى العرش، ينتظر متى يؤمر بالنفخة». قلت:

يا رسول الله! ما الصّور؟ قال: «قرن والله عظيم، والّذي بعثني بالحقّ إنّ عظم دارة فيه كعرض السماء والأرض». وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كيف أنتم؟ وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه، ينتظر أن يؤمر أن ينفخ».

وكأنّ ذلك ثقل على أصحابه، فقالوا: كيف نفعل يا رسول الله؟! وكيف نقول؟ فقال: «قولوا:

حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكّلنا، وربّما قال: توكّلنا على الله». أخرجه الترمذي.

وينبغي أن تعلم: أن الذي ينفخ في الصور إنما هو إسرافيل عليه السّلام، أحد الملائكة العشرة المقربين، وهو ينفخ نفختين، بينهما أربعون عاما على الصحيح، الأولى لإماتة جميع الخلق، والثانية لإحيائهم، وبعثهم للحساب والجزاء، خذ قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ} بعد هذا أذكر أن الزمخشري-رحمه الله تعالى-قال: إن كل ما فاؤه نون، وعينه فاء يدل على معنى الخروج والذهاب، مثل: نفق، ونفث، ونفش... إلخ.

{فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ:} التعبير بالماضي لتحقق وقوعه، وثبوته، وأنه كائن لا محالة. هذا؛ وفي هذا الفزع قولان: أحدهما: أنه الإسراع، والإجابة إلى النداء من قولهم:

فزعت إليك في كذا: إذا أسرعت إلى ندائك في معونتك، والقول الثاني: أنه الفزع المعهود من الخوف، والحزن؛ لأنهم أزعجوا من قبورهم، وخافوا. وهذا أشبه القولين، ولذا يقولون مرعوبين: {مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا؟!}.

<<  <  ج: ص:  >  >>