الفعلية في محل نصب خبر (كان)، والجملة الاسمية:{إِنّا..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وفيها معنى البدلية من سابقتها. {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} انظر إعراب مثل هذه الجملة في الاية رقم [٣٠] من سورة (الذاريات)، وهي تعليلية لا محل لها، ويقرأ بفتح الهمزة على تقدير لام التعليل، والمعنى لا يتغير، ولكن يحتاج إلى تأويل مصدر، وجره بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {نَدْعُوهُ}.
الشرح:{فَذَكِّرْ} أي: فذكر يا محمد قومك بالقرآن، واثبت على التذكير، ولا تكترث بقولهم: كاهن، أو مجنون، فإنه قول باطل متناقض؛ لأن الكاهن يحتاج في كهانته إلى فطنة، ودقة نظر، وقد يخلطه بالكذب، وهو يوهم: أنه يعلم الغيب، ويخبر بما في غد من غير وحي.
والمجنون مغطّى على عقله، وما أنت بحمد الله، وإنعامه عليك بصدق النبوة، ورجاحة العقل أحد هذين الوصفين. قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: وهذا رد لقولهم في النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ فعقبة بن أبي معيط قال: إنه مجنون، وشيبة بن ربيعة قال: إنه ساحر، وغيرهما قال: كاهن، فأكذبهم الله، وردّ عليهم، فهو كقوله تعالى في سورة (الذاريات): {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} ومثل هذه الاية رقم [٢] من سورة (ن).
الإعراب:{فَذَكِّرْ:} الفاء: حرف استئناف، وقيل: الفصيحة، ولا وجه له. (ذكّر): فعل أمر، فاعله مستتر تقديره:«أنت»، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {فَما:} الفاء: حرف تعليل. (ما): نافية حجازية تعمل عمل «ليس». {أَنْتَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع اسم (ما). {بِنِعْمَةِ:} جار ومجرور متعلقان بالنفي الذي أفادته (ما)، و (نعمة) مضاف، و {رَبِّكَ} مضاف إليه، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {بِكاهِنٍ:}(الباء): حرف جر صلة. (كاهن): خبر (ما) منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
{وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): نافية، ويقال: زائدة لتأكيد النفي. {مَجْنُونٍ:} معطوف على لفظ كاهن، والجملة الاسمية:{فَما أَنْتَ..}. إلخ تعليل للأمر، لا محل لها.
هذا؛ وفي السمين: قوله: {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} فيه أوجه: أحدها: أنه مقسم به متوسط بين اسم (ما) وخبرها ويكون الجواب حينئذ محذوفا لدلالة هذا المذكور عليه، والتقدير: ونعمة ربك ما أنت بكاهن، ولا مجنون. الثاني: أن الباء في موضع نصب على الحال، والعامل فيها {بِكاهِنٍ} أو {مَجْنُونٍ} والتقدير: ما أنت كاهنا، ولا مجنونا حال كونك ملتبسا بنعمة ربك. قاله أبو البقاء. وعلى هذا فهي حال لازمة؛ لأنه عليه السّلام، لم يفارق هذه الحال. الثالث: أن