عنف وقهر. وانظر إعراب هذه الآية بكاملها برقم [١١٦] وإن اختلفت بعض الكلمات، فالإعراب واحد.
{قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ (١٦٨) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمّا يَعْمَلُونَ (١٦٩)}
الشرح: {قالَ} أي: لوط عليه السّلام، {إِنِّي لِعَمَلِكُمْ} أي: اللواط، {مِنَ الْقالِينَ} أي:
المبغضين. والقلى: البغض، قال الله تعالى لحبيبه محمد صلّى الله عليه وسلّم {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} أي:
ما تركك منذ اختارك، وما أبغضك منذ أحبك. تقول: قليته، أقليه قلى، وقلاء. قال امرؤ القيس: [الطويل]
صرفت الهوى عنهنّ من خشية الرّدى... فلست بمقليّ الخلال ولا قالي
وقوله: {مِنَ الْقالِينَ} أبلغ من أن يقول: إني لعملكم قال؛ لدلالته على أنه معدود في زمرة المبغضين لهذا العمل الشنيع، ولفاعليه، ومشهور بأنه من جملتهم. {رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمّا يَعْمَلُونَ:} دعا الله لمّا أيس من إيمانهم ألا يصيبه شيء من العذاب؛ الذي سينزل بهم.
هذا؛ و «الأهل»: اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: معشر، ورهط، والأهل: العشيرة وذو القربى، ويطلق على الزوجة، وعلى الأتباع بدليل قوله تعالى: {قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ}. والجمع: أهلون، وأهال، وآهال، وأهلات، وأهلات، وبالأولين قرئ قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ}. سورة (التحريم) [٦].
تنبيه: قال مكي بن أبي طالب القيسي-رحمه الله تعالى-ونداء الرب قد كثر حذف (ياء) النداء منه في القرآن الكريم، وعلة ذلك: أنّ في حذفها من نداء الرب فيه معنى التعظيم له والتنزيه، وذلك: أن النداء فيه ضرب من معنى الأمر؛ لأنك إذا قلت: يا زيد! فمعناه: تعال يا زيد، أدعوك يا زيد! فحذفت (يا) من نداء الرّبّ، لنزول معنى الأمر، وينقص؛ لأنّ «يا» تؤكده، وتظهر معناه، فكان في حذف «يا» التعظيم، والإجلال، والتنزيه للرب تعالى، فكثر حذفها في القرآن والكلام العربي في نداء الرب لذلك المعنى، وانظر شرح (الرب) في الآية رقم [٩].
الإعراب: {قالَ:} فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى لوط. {إِنِّي:}
حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم ضمير متصل في محل نصب اسمها، وحذفت نون الوقاية جوازا. {لِعَمَلِكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف. التقدير: قال لعملكم، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {مِنَ الْقالِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة للخبر المحذوف الذي رأيت تقديره، ولو علقت الجار والمجرور بمحذوف خبر {إِنِّي} لتعلق {لِعَمَلِكُمْ} ب {الْقالِينَ،} فيفضي إلى تقديم معمول الصلة على الموصول، وهو (أل) مع أنه لا يجوز. {رَبِّ:} منادى حذفت منه أداة النداء، فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة