للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفرا محقّقا، وكفروا بكلّ رسول مبشّر بمحمد صلّى الله عليه وسلّم. {وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ..}. إلخ أي: كما استهانوا بمن كفروا به من الرّسل. يعذبهم في الآخرة عذابا شديدا يهينهم به جزاء كفرهم، واستهانتهم برسل الله محمد، وعيسى، عليهما ألف صلاة، وألف سلام.

الإعراب: {أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محلّ رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محلّ له. {هُمُ:} ضمير فصل لا محلّ له. {الْكافِرُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمّة؛ لأنّه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

هذا؛ وإن اعتبرت الضّمير مبتدأ ثانيا، و {الْكافِرُونَ} خبره؛ فالجملة الاسمية تكون في محلّ رفع خبر الأول، والجملة الاسمية: {أُولئِكَ} إلخ في محل رفع خبر: {إِنَّ} في الآية السابقة، والجملة الاسمية: {إِنَّ الَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها. {حَقًّا:} مفعول مطلق لفعل محذوف، التقدير: حقّ ذلك حقّا، والجملة في محلّ نصب حال مؤكدة لمضمون الجملة الاسمية، أو هو حال صريحة مؤكّدة لمضمون الجملة الاسمية، ومثله قول سالم بن دارة اليربوعي-وهو الشاهد رقم [٣٨٥] من كتابنا: «فتح رب البريّة» -: [البسيط]

أنا ابن دارة معروفا بها نسبي... وهل بدارة يا للنّاس من عار؟!

وقيل: {حَقًّا} صفة لمصدر محذوف، التقدير: الكافرون كفرا حقّا. {وَأَعْتَدْنا:} فعل، وفاعل. {لِلْكافِرِينَ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان ب‍ {مُهِيناً} بعدهما. {عَذاباً:}

مفعول به. {مُهِيناً:} صفة له، والجملة الفعلية مستأنفة لا محلّ لها، أو هي معترضة بين المتعاطفتين.

{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٥٢)}

الشرح: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ} يعني بذلك أمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم، فإنّهم يؤمنون بكلّ كتاب أنزله الله، وبكلّ رسول بعثه الله تعالى، كما قال الله تعالى في آخر سورة (البقرة): {آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ..}. إلخ، والآية رقم [٨٤] من سورة (آل عمران):

{قُلْ آمَنّا بِاللهِ..}. إلخ. {وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ} أي: بالإيمان، وأمّا بالتّفضيل فهو موجود، كما ذكرته مرارا. {أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ} فهذا وعد من الجليل بالثّواب الجزيل، والعطاء الجميل، و {سَوْفَ:} هنا بحقّ الله تعالى للتّحقيق، والتّأكيد، {وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ؟!} {وَكانَ اللهُ:} ولا يزال كائنا. {غَفُوراً} لذنوب عباده. {رَحِيماً} بهم.

بعد هذا فإنّ قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ} يقابل قوله جلّ ذكره: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ}. وقوله جلّ شأنه: {وَلَمْ يُفَرِّقُوا} يقابل قوله تعالت قدرته: {وَيُرِيدُونَ أَنْ}

<<  <  ج: ص:  >  >>