بهم. {فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ} أي: جدّ القتال، أو وجب فرض القتال؛ كرهوه، وأمر الله ورسوله به؛ تبرموا به وأعرضوا عنه. وانظر {عَزْمِ الْأُمُورِ} في الاية رقم [٤٣] من سورة (الشورى).
{فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ} أي: فيما زعموا من الحرص على الجهاد، أو: فلو صدقوا في إيمانهم، ووافقت قلوبهم فيه ألسنتهم. ومعنى الاية، وسابقتها: أن المؤمنين تمنوا شرعية الجهاد، فلما فرضه الله، وأمر به، نكل عنه كثير من الناس، وهم المنافقون؛ الذين يجبنون عند ملاقاة الأعداء، فهو كقوله عزّ وجل في سورة (النساء) رقم [٧٧]: {فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ}.
والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{طاعَةٌ:} فيه أوجه: أحدها: أنه خبر: (أولى) على ما تقدم، الثاني: أنه صفة ل: {سُورَةٌ} ذكره مكي، وأبو البقاء. وفيه بعد لكثرة الفواصل. الثالث: أنه مبتدأ، و (قول) عطف عليه، والخبر محذوف، تقديره: أمثل بكم من غيرهما. وقدره مكي: منّا طاعة، فقدره مقدما. الرابع: أن يكون خبر مبتدأ محذوف؛ أي: أمرنا طاعة. الخامس: أن {لَهُمْ} خبر مقدم، و {طاعَةٌ} مبتدأ مؤخر، والوقف، والابتداء يعرفان مما قدمته، فتأمل. انتهى. جمل نقلا من السمين. {مَعْرُوفٌ:} صفة: (قول). {فَإِذا:} الفاء: حرف استئناف. (إذا): انظر الاية رقم [٤]. {عَزَمَ الْأَمْرُ:} ماض، وفاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها، وجوابها محذوف، قدره القرطبي: فكرهوه، وقدره أبو البقاء: فإذا عزم الأمر؛ فاصدق. وقيل: جوابها قوله: {فَلَوْ صَدَقُوا} نحو قولك: إذا جاءني طعام فلو جئتني؛ أطعمتك.
{فَلَوْ:} الفاء: حرف عطف على تقدير جواب (إذا) محذوفا، وواقعة في جواب:(إذا) على اعتبار (لو) ومدخولها جوابا لها. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {صَدَقُوا:}
ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {اللهَ:} منصوب على التعظيم، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {لَكانَ:} اللام: واقعة في جواب (لو).
(كان): فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره:«هو» يعود إلى الصدق المفهوم من:
{صَدَقُوا}. {خَيْراً:} خبر (كان). {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان ب: {خَيْراً،} وجملة: {لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} جواب (لو)، لا محل لها، و (لو) ومدخولها كلام لا محلّ له على الوجهين المعتبرين في الفاء. تأمّل، وتدبّر، وربك أعلم.
الشرح:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ:} يقرأ هنا وفي سورة (البقرة) رقم [٢٤٦] بكسر السين، وفتحها، والاستفهام ب:(هل) هنا للتقرير. قال الخازن-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: «عسى» طمع،