للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البحر، وهو متشح بثوب أخضر. هذا؛ واختلف: هل الخضر حيّ اليوم، أو ميت؟ فأنكر البخاري أن يكون حيا. وفي صحيح مسلم: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال قبل موته: «ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهي حيّة». وسئل غير البخاري من الأئمة، فتلا قوله تعالى: {وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عنه، فقال: (لو كان الخضر حيا لوجب عليه أن يأتي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويجاهد بين يديه، ويتعلم منه). هذا؛ وما نقل من سؤال الخضر للعز بن عبد السّلام في مجلس وعظه عن تفسير قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} الله أعلم بحقيقة ذلك. وقد أثبت القرطبي حياته، وحياة إلياس، وأنهما يجتمعان مرة كل موسم من مواسم الحج. ومعنى: {وَعَلَّمْناهُ..}. إلخ أي: علما ممّا يختصّ بنا، ولا يعلم إلا بتوفيقنا، وهو علم الغيوب. هذا؛ والإضافة في قوله تعالى: {عِبادِنا} إضافة تشريف كما في الآية رقم [١] من سورة (الإسراء). وانظر شرح (لدن) في الآية رقم [٨٠] وانظر «نا» والكلام عليها في الآية رقم [٢١] من سورة (الحجر).

الإعراب: {فَوَجَدا:} ماض، وفاعله. {عَبْداً:} مفعول به. {مِنْ عِبادِنا:} متعلقان بمحذوف صفة {عَبْداً،} و (نا): في محل جر بالإضافة. {آتَيْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به أول. {رَحْمَةً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية في محل نصب صفة {عَبْداً} أو بمحذوف حال منه بعد وصفه بما تقدم. {مِنْ عِنْدِنا:} متعلقان ب‍: {رَحْمَةً،} أو بمحذوف صفة لها.

{وَعَلَّمْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به أول. {مِنْ:} حرف جر. {لَدُنّا:} اسم مبني على السكون في محل جر ب‍: {مِنْ،} و (نا): في محل جر بالإضافة، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {عِلْماً،} كان: صفة له... إلخ. {عِلْماً:}

مفعول به ثان، وجملة: {وَعَلَّمْناهُ..}. إلخ معطوفة على جملة: {آتَيْناهُ..}. إلخ وجملة:

{فَوَجَدا..}. إلخ معطوفة على جملة: {فَارْتَدّا..}. إلخ تأمل.

{قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦)}

الشرح: {قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ:} معناه: أتأذن لي في صحبتك. {عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّا..}.

إلخ: أي: علما ترشدني به إلى ما ينفعني في ديني، ودنياي، فقد روي: أن الخضر قال لموسى:

كفى بالتوراة علما، وببني إسرائيل شغلا، فقال له موسى: إن الله أمرني بهذا.

قال البيضاوي: ولا ينافي نبوته وكونه صاحب شريعة أن يتعلم من غيره ما لم يكن شرطا في أبواب الدين، فإن الرسول ينبغي أن يكون أعلم ممّن أرسل إليه فيما بعث به من أصول الدين، وفروعه، لا مطلقا، وقد راعى في ذلك غاية التواضع والأدب، فاستجهل نفسه واستأذن أن يكون تابعا له، وسأله أن يرشده، وينعم عليه بتعليم بعض ما أنعم الله به عليه. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>