للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سورة (الواقعة): {وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا}. والحالة الرابعة أن تنسف؛ لأنها مع الأحوال المتقدمة قارة في مواضعها، والأرض تحتها غير بارزة، فتنسفها عنها لتبرز. قال تعالى في سورة (طه): {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً،} وقال في سورة (الكهف) رقم [٤٨]: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً..}. إلخ.

والحالة الخامسة: أن الرياح ترفعها على وجه الأرض، فتظهرها شعاعا في الهواء كأنها غبار، فمن نظر إليها من بعد؛ حسبها لتكاثفها أجسادا جامدة، وهي في الحقيقة مارّة؛ إلا أن مرورها من وراء الرياح كأنها مندكة متفتتة، فقال تعالى في سورة (النمل) رقم [٨٨]: {وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ}. والحالة السادسة أن تكون سرابا، فمن نظر إلى مواضعها لم يجد فيها شيئا منها، كالسراب. قال تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً} وهذا كله إنما يقع بعد النفخة الأولى على المعتمد. وأخيرا: فالجبال مفرده: جبل، ويجمع على: أجبل أيضا.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {يَوْمَ:} اسم {إِنَّ} وهو مضاف، و {الْفَصْلِ:}

مضاف إليه. {كانَ:} فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر يعود إلى {يَوْمَ الْفَصْلِ}.

{مِيقاتاً:} خبر {كانَ}. والجملة الفعلية في محل رفع خبر {إِنَّ}. والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {يَوْمَ:} بدل من: {يَوْمَ الْفَصْلِ،} وأجاز أبو البقاء أن يكون بدلا من: {مِيقاتاً،} أو هو منصوب بفعل محذوف، تقديره: أعني. {يُنْفَخُ:} فعل مضارع مبني للمجهول. {فِي الصُّورِ:} الجار، والمجرور في محل رفع نائب فاعل {يُنْفَخُ،} والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {يَوْمَ} إليها. {فَتَأْتُونَ:} الفاء: حرف عطف. (تأتون): فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله. {أَفْواجاً:} حال من واو الجماعة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. {وَفُتِحَتِ:} الواو: حرف عطف. (فتحت): فعل ماض مبني للمجهول، والتاء للتأنيث. {السَّماءُ:} نائب فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. وقيل: الجملة في محل نصب حال، فتحتاج إلى تقدير: «قد» قبلها، والجمل الفعلية الثلاث بعدها معطوفة عليها، وإعرابها مثلها بلا فارق، وهو واضح إن شاء الله تعالى.

{إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١) لِلطّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاّ حَمِيماً وَغَسّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦)}

الشرح: {إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً} أي: معدة مترصدة، متفعّل من الرصد، وهو الترقب؛ أي: هي متطلعة لمن يأتي، ويلقى فيها، والمرصاد: مفعال من أبنية المبالغة كالمعطار، والمغيار، والمهذار... إلخ، فكأنه يكثر من جهنم انتظارها للكفار، كما يترصد الإنسان، ويترقب عدوه؛ ليأخذه على حين غرة، والمرصاد: الطريق، وجهنم طريق، وممرّ إلى الجنة، فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>