الشرح:{فَإِنْ عُثِرَ:} فإن اطلع، يقال: عثر الرجل يعثر عثورا إذا هجم على شيء لم يطلع عليه غيره، وأعثرته على كذا: أطلعته عليه، ومنه قوله تعالى:{وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ..}. إلخ. انتهى.
جمل. {اِسْتَحَقّا إِثْماً:} فعلا ما أوجب إثما كتحريف، وتزييف بالشهادة بعد حلفهما. وانظر (الإثم) في الآية رقم [٣]. {فَآخَرانِ:} فشاهدان آخران. {يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ} أي: من الذين استحق عليهم الإثم، ومعناه من الذين جني عليهم، وهم أهل الميت وعشيرته، ومقام أصله: مقوم، فقل في إعلاله: اجتمع معنا حرف صحيح ساكن، وحرف علة متحرك، والحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، فنقلت حركة الواو إلى القاف، ثم تحركت الواو بحسب الأصل، وانفتح ما قبلها الآن، فقلبت ألفا. {الْأَوْلَيانِ:} الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما ليقوما بالشهادة، ويظهرا بها كذب الكاذبين؛ أي: الشاهدين الأولين. {فَيُقْسِمانِ بِاللهِ..}. إلخ: أي: فيحلفان بالله ليميننا أحق بالقبول من يمين هذين الوصيين الخائنين. {وَمَا اعْتَدَيْنا:} وما تجاوزنا الحق في يميننا. {لَمِنَ الظّالِمِينَ} أي: الواضعين الباطل موضع الحق، أو الظالمين أنفسهم إذا تجاوزنا الحق، واعتدينا على غيرنا، وانظر الآية رقم [١٤٦](الأنعام).
قال البيضاوي: ومعنى الآيتين: أن المحتضر إذا أراد الوصية ينبغي أن يشهد عدلين من ذوي نسبه، أو دينه على وصيته، أو يوصي إليهما احتياطا، فإن لم يجدهما بأن كان في سفر؛ فآخرين من غيرهم. ثم إن وقع نزاع، أو ارتياب في صدقهما؛ أقسما على صدق ما يقولان بالتغليظ في الوقت، فإن اطلع على أنهما كذبا بأمارة، أو مظنة؛ حلف آخران من أولياء الميت. والحكم منسوخ؛ إن كان الاثنان شاهدين، فإنه لا يحلف الشاهد، ولا يعارض يمينه بيمين الوارث، وثابت؛ إن كانا وصيين، وردا اليمين إلى الورثة، إما لظهور خيانة الوصيين، فإن تصديق الوصي باليمين لأمانته. أو لتغيير الدعوى.
روي: أن تميما الداري، وعدي بن زيد خرجا إلى الشام للتجارة، وكانا نصرانيين حينئذ، ومعهما بديل مولى عمرو بن العاص، وكان مسلما، فلما قدموا الشام مرض بديل، فدون ما معه في صحيفة، وطرحها في متاعه، ولم يخبرهما بها، وأوصى إليهما بأن يدفعا متاعه إلى أهله، ومات، ففتشاه، وأخذا منه إناء من فضة، فيه ثلاثمائة مثقال منقوشا بالذهب، فغيباه، فوجد أهله الصحيفة، فطالبوهما بالإناء، فجحدا، فترافعوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنزلت الآية {يا أَيُّهَا الَّذِينَ..}. إلخ، فحلفهما بعد صلاة العصر عند المنبر، وخلي سبيلهما، ثم وجد الإناء في