للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَقالَ الَّذِينَ اِتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النّارِ (١٦٧)}

الشرح: {وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا:} هم الضّعفاء الذين اتّبعوا الأقوياء، والرّؤساء في الشرك، والضلالة. {لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً:} رجعة إلى الدنيا. {فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ:} من المتبوعين. {كَما تَبَرَّؤُا مِنّا:} الكرّة: الرّجعة، والعودة إلى حال قد كانت، أي: قال الأتباع: لو رددنا إلى الدّنيا؛ حتّى نعمل صالحا، ونتبرأ منهم كما تبرءوا منا. وهم كاذبون في هذا، كما أخبر الله عنهم بقوله:

{وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} رقم [٢٨] من سورة (الأنعام).

{كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ} أي: كما أراهم الله العذاب كذلك يريهم أعمالهم. قال الربيع-رحمه الله تعالى-أي: الأعمال الفاسدة التي ارتكبوها في الدّنيا، فوجبت لهم بها النار، وقال ابن مسعود والسّدي: الأعمال الصالحة التي تركوها، ففاتتهم الجنة.

ورويت في هذا القول أحاديث. قال السّدّي: ترفع لهم الجنّة، فينظرون إليها، وإلى بيوتهم فيها لو أطاعوا الله تعالى، ثمّ تقسم بين المؤمنين، فذلك حين يندمون. وأضيفت هذه الأعمال إليهم من حيث هم مأمورون بها، وأمّا إضافة الأعمال الفاسدة إليهم؛ فمن حيث عملوها.

{وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النّارِ} دليل على خلود الكفار فيها، وأنّهم لا يخرجون منها. هذا؛ وعدل عن الجملة الفعلية إلى الجملة الاسمية؛ إذ الأصل: «وما يخرجون» للمبالغة في الخلود، والإقناط من الخلاص والرّجوع إلى الدّنيا.

هذا؛ و {حَسَراتٍ} جمع: حسرة، وهي شدّة الندم، وتألّم القلب على شيء فات، وهي ساكنة السين، وفتحت في الجمع على القاعدة المتّبعة، وهي: أنه إذا جمع الاسم الثلاثي الصحيح العين، الساكنها، المؤنث المختوم بالتاء أو المجرد عنها بألف وتاء أتبعت عينه لفائه، سواء كانت فاؤه مضمومة، أو مفتوحة، أو مكسورة، فتقول في بسرة، وجمل: بسرات، وجملات. وفي حفنة، ودعد: حفنات، ودعدات. وفي كسرة، وهند: كسرات وهندات، ويجوز في العين بعد الضمة، والكسرة التسكين، والفتح، فتقول: بسرات، وبسرات، وجملات وجملات، وكسرات وكسرات، وهندات وهندات، ولا يجوز التسكين بعد الفتحة، بل يجب الاتباع.

هذا؛ وقال المرحوم مصطفى الغلاييني: وإن جمعت اسما ثلاثيّا مضموم الأول، أو مكسوره، ساكن الثاني، صحيحه، خاليا من الإدغام، مثل: خطوة، وجمل، وهند، وقطعة، وفقرة؛ جاز فيه ثلاثة أوجه: الأول: إتباع ثانيه لأوله كخطوات، وجملات، وهندات، وقطعات، وفقرات. الثاني: فتح ثانيه كخطوات، وجملات، وهندات، وقطعات، وفقرات. الثالث: إبقاء ثانيه على حاله من السّكون، كخطوات، وجملات، وهندات، وقطعات، وفقرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>