للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغفرة في دعوة الرجل المؤمن. قال: {وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفّارِ}. وسميت سورة (المؤمن) لذكر قصة مؤمن آل فرعون، كما ستقف عليها-إن شاء الله-مشروحة مبسوطة.

وسميت سورة الطّول؛ لأنها أطول السور المسماة بالحواميم، بل هي أطول السور التي بعدها إلى آخر سور القرآن، ولا يقاربها سورة قط في الطول. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه، أو سميت ب‍: (الطّول)، وهو الغنى لذكره في الآية رقم [٣].

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{حم (١)}

الشرح: اختلف في معناه، فقال عكرمة: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «{حم} اسم من أسماء الله تعالى، وهي مفاتيح خزائن ربك». وقال ابن عباس-رضي الله عنهما- {حم:} اسم الله الأعظم. وعنه:

{الر} و {حم} و {ن} حروف الرحمن مقطعة. وعنه أيضا: اسم من أسماء الله تعالى أقسم به.

وقال عطاء الخراساني: الحاء: افتتاح اسمه: حميد، وحنان، وحليم، وحكيم، والميم افتتاح اسمه: ملك، ومجيد، ومنان، ومتكبر، ومصوّر. يدل عليه ما روى أنس-رضي الله عنه-: أن أعرابيا سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم: ما {حم} فإنا لا نعرفها في لساننا؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «بدء أسماء وفواتح سور». وقال الضحاك، والكسائي: معناه قضي ما هو كائن. كأنه أراد الإشارة إلى تهجّي {حم؛} لأنها تصير:

حمّ (بضم الحاء وتشديد الميم) أي: قضي، ووقع، قال كعب بن مالك-رضي الله عنه-: [الطويل]

فلمّا تلاقينا، ودارت بنا الرّحى... وليس لأمر حمّه الله مدفع

وعنه أيضا: إن المعنى حمّ أمر الله؛ أي: قرب، كما قال الشاعر: [مخلع البسيط]

قد حمّ يومي فسرّ قوم... قوم بهم غفلة ونوم

والمعنى: قرب نصره لأوليائه، وانتقامه من أعدائه كيوم بدر، وإذا سميت سورة بشيء من هذه الحروف؛ أعربت، فتقول: قرأت {حم،} فتنصب. قال شريح بن أوفى العبسي، قاتل محمد بن طلحة يوم الجمل: [الطويل]

يذكّرني حاميم والرمح شاجر... فهلاّ تلا حاميم قبل التّقدّم

الإعراب: {حم:} خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هذه حم، أو هو مبتدأ خبره ما بعده، أو هو في محل نصب من وجهين: الأول أنه في محل نصب لفعل محذوف، تقديره: أقرأ، أو: اتل {حم} والثاني: أنه منصوب على تقدير حذف حرف القسم، كما تقول: الله لأفعلنّ! والناصب

<<  <  ج: ص:  >  >>