للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصديق ما أخبروا، وامتثال ما أمروا، وترك ما عنه زجروا، وفي هذا ردّ عظيم، وبيان بليغ لكفر اليهود، وتزييف شبهتهم-لعنهم الله-في دعوى استحالة النسخ. وهذا الخطاب وإن كان للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم على وجه الخبر، وعظمته، فإنّه منه جل ثناؤه تكذيب لليهود الذين أنكروا نسخ أحكام التوراة، وجحدوا نبوّة عيسى، ومحمد-عليهما الصّلاة والسّلام-لمجيئهما بما جاءا من عند الله بتغيير ما غيّر الله من حكم التّوراة، فأخبرهم الله: أنّ له تلك السموات والأرض وسلطانها، وأنّ الخلق أهل مملكته، وطاعته، وعليهم السّمع والطّاعة لأمره، ونهيه، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ:} انظر إعراب مثله في الآية السّابقة. {لَهُ:} متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدّم. {مُلْكُ:} مبتدأ مؤخر، و {مُلْكُ:} مضاف، و {السَّماواتِ} مضاف إليه، {وَالْأَرْضِ:} معطوف على سابقه، والجملة الاسمية في محل رفع خبر {أَنَّ،} والجملة الفعلية: {أَلَمْ تَعْلَمْ:} مستأنفة لا محل لها كالجملة السّابقة، فهي مقرّرة، ومؤكّدة لها. {وَما:}

الواو: واو الحال. ({ما}): نافية. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم. {مِنْ دُونِ:} متعلقان بالخبر المحذوف، أو هما متعلقان بمحذوف خبر ثان، وقيل: متعلقان حال من: {وَلِيٍّ} كان صفة له، فلما قدم عليها صار حالا، وهو ضعيف؛ لأنّ كثيرا من النّحاة لا يجيزون مجيء الحال من المبتدأ، و {دُونِ} مضاف، و {اللهَ} مضاف إليه. {مِنْ:} حرف جر صلة. {وَلِيٍّ:} مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {وَلا:} الواو: حرف عطف. ({لا}): زائدة لتأكيد النفي.

{نَصِيرٍ:} معطوف على {وَلِيٍّ} مجرور تبعا للفظه، والجملة الاسمية: {وَما لَكُمْ} في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الواو، وإعادة الاسم الكريم للتفخيم، والتعظيم. هذا؛ وأجاز الجمل اعتبار ({ما}) حجازية.

وهذا على قول من يجيز تقديم خبرها؛ وهو ظرف، أو جار ومجرور على اسمها.

{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٠٨)}

الشرح: جاء في مختصر ابن كثير ما يلي: نهى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن كثرة سؤال النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الأشياء قبل كونها، كما قال تعالى في سورة (المائدة) رقم [١٠١]:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} أي: وإن تسألوا عن تفصيلها بعد نزولها؛ تبيّن لكم، ولا تسألوا عن الشيء قبل كونه، فلعلّه أن يحرّم من أجل تلك المسألة، ولهذا جاء في الصحيح: «إنّ أعظم المسلمين جرما من سأل عن

<<  <  ج: ص:  >  >>