للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضا على شيء خص الله به بعضهم دون بعض، ولا يحقد بعضهم على بعض، ومعنى نزع الغل: تصفية الطباع، وإسقاط الوساوس، ودفعها على أن ترد على القلب، حتى يكون القلب خاليا من كل غش.

روي عن عليّ كرم الله وجهه: أنه قال: فينا والله أهل بدر نزلت: {وَنَزَعْنا..}. إلخ. وروي عنه أيضا أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا، وعثمان، وطلحة، والزبير منهم. وانظر ما ذكرته في آية (الأعراف) رقم [٤٣] وآية (الأنبياء) رقم [١٠١] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. هذا؛ و (الغل) بالمعنى المذكور بكسر الغين، وهو بضمها: القيد من الحديد، وحرارة العطش أيضا. هذا؛ والغلول من المغنم خاصة، وهو أخذ الشيء خفية، وهو ما ذكر في الآية رقم [١٦١] من سورة (آل عمران): هذا و {إِخْواناً} في المحبة والمودة والمخالطة، وليس المراد أخوة النسب، و (السرر) جمع: سرير، مثل: جديد، وجدد.

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: على سرر من ذهب مكللة بالزبرجد، والدرّ، والياقوت، و {مُتَقابِلِينَ} أي: يقابل بعضهم بعضا، لا ينظر بعضهم في قفا بعض، وفي بعض الأخبار: أن المؤمن في الجنة إذا أراد أن يلقى أخاه المؤمن سار سرير كل واحد منهما إلى صاحبه، فيلتقيان، ويتحدثان. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَنَزَعْنا:} الواو: حرف استئناف. (نزعنا): فعل، وفاعل. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {فِي صُدُورِهِمْ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول، والهاء في محل جر بالإضافة. {مِنْ غِلٍّ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر في متعلق الجار والمجرور، و {مِنْ} بيان لما أبهم في: {ما} وجملة: {(نَزَعْنا...)} إلخ مستأنفة، لا محل لها. {إِخْواناً:} حال من الضمير المجرور محلا بالإضافة، فهي حال متداخلة، وجاز؛ لأن المضاف جزؤه، وانظر الآية رقم [٢١] وقيل: حال من واو الجماعة، أو من الضمير المستتر في آمنين. {عَلى سُرُرٍ:} متعلقان بما بعدهما، فيكون {مُتَقابِلِينَ:} صفة ل‍: {إِخْواناً،} وأجيز تعليق الجار والمجرور بمحذوف صفة إخوانا فيكون متقابلين حالا من الضمير المستقر في الجار والمجرور، كما أجيز تعليقهما بنفس {إِخْواناً؛} لأنه بمعنى:

متصافين، فيكون {مُتَقابِلِينَ} حالا من الضمير في {إِخْواناً}. انتهى. عكبري بتصرف.

{لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (٤٨)}

الشرح: {لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ:} ولا يصيبهم في الجنة تعب، وإعياء، {وَما هُمْ مِنْها..}.

إلخ: أي: ليس المتقون مخرجين من الجنة، وهذا نص من الله في كتابه على خلود أهل الجنة في الجنة، والمراد منه خلود بلا زوال، وبقاء بلا فناء، وكمال بلا نقصان، وفوز بلا حرمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>