للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، وهذا على اعتبار الظرف متعلقا به، وهي في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا بالإضافة، أو من {وُجُوهُهُمْ} على الأوجه الأخرى في تعليق الظرف. (يا): حرف تنبيه، واعتبارها أداة نداء؛ والمنادى محذوف ضعيف جدا. (ليتنا): حرف مشبه بالفعل، و (نا): ضمير متصل في محل نصب اسمها.

{أَطَعْنَا:} فعل، وفاعل. {اللهَ:} منصوب على التعظيم، والجملة الفعلية في محل رفع خبر:

(ليت)، والجملة الفعلية بعدها معطوفة عليها، فهي في محل رفع مثلها، والجملة الاسمية:

{يا لَيْتَنا..}. إلخ في محل نصب مقول القول.

{وَقالُوا رَبَّنا إِنّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧)}

الشرح: {وَقالُوا} أي: الضعفاء الذين اتبعوا الأقوياء، وهو معطوف على: {يَقُولُونَ،} والعدول إلى الماضي، للإشعار بأن قولهم هذا ليس مستمرا، كقولهم السابق؛ بل هو ضرب اعتذار، أرادوا به ضربا من التشفي بمضاعفة عذاب الذين ألقوهم في تلك الورطة. {رَبَّنا إِنّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا:} يعنون بهم: الذين لقنوهم الكفر، والتعبير عنهم بعنوان السيادة، والكبراء؛ لتقوية الاعتذار، وإلا فهم في مقام التحقير، والإهانة. هذا؛ و (سادة) جمع: سيد، أو: سائد على غير قياس، وقرئ: «(ساداتنا)» على أنه جمع الجمع، وهو غير مقيس.

أما (السبيل) فهو الطريق يذكر ويؤنث بلفظ واحد، فمن التذكير قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً،} ومن التأنيث قوله تعالى: {قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ} والجمع على التأنيث: سبول، وعلى التذكير: سبل بضمتين وقد تسكن الباء، كما في: رسل، وعسر، ويسر. قال عيسى بن عمر: كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم، وأوسطه ساكن، فمن العرب من يخففه، ومنهم من يثقله، وذلك مثل: رحم، وحلم، وأسد.

فائدة: قال مكي بن أبي طالب القيسي-رحمه الله تعالى-: ونداء الرب قد كثر حذف (يا) النداء منه في القرآن، وعلة ذلك: أن حذف (يا) من نداء الرب تعالى فيه معنى التعظيم له، والتنزيه، وذلك؛ لأن النداء فيه ضرب من معنى الأمر؛ لأنك إذا قلت: يا زيد! فمعناه: تعال زيد! أدعوك يا زيد! فحذفت (يا) من نداء «الرب» ليزول معنى الأمر وينقص؛ لأن (يا) تؤكده، وتظهر معناه، فكان في حذف (يا) التعظيم، والإجلال، والتنزيه للرب تعالى، فكثر حذفها في القرآن، والكلام في نداء الرب لذلك المعنى. انتهى.

الإعراب: {وَقالُوا:} الواو: حرف عطف. (قالوا): فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {رَبَّنا:} منادى حذف منه أداة النداء، و (نا): في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {إِنّا:} حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها،

<<  <  ج: ص:  >  >>