وربّما فات قوما جلّ أمرهم... من التّأنّي وكان الحزم لو عجّلوا
وقال آخر:[البسيط]
وربّما ضرّ بعض النّاس بطؤهم... وكان خيرا لهم لو أنّهم عجّلوا
الإعراب:{وَسارِعُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها. ويقرأ بدون واو على الإفراد، فتكون الجملة مستأنفة. {إِلى مَغْفِرَةٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {مِنْ رَبِّكُمْ:} متعلقان ب {مَغْفِرَةٍ} أو بمحذوف صفة لها، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَجَنَّةٍ:} معطوف على: {مَغْفِرَةٍ}. {عَرْضُهَا:} مبتدأ، و (ها) في محل جر بالإضافة. {السَّماواتُ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل جر صفة:({جَنَّةٍ}). {وَالْأَرْضُ:}
معطوف على ما قبله. {أُعِدَّتْ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى:({جَنَّةٍ}) والتاء للتأنيث. {لِلْمُتَّقِينَ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية في محل جر صفة ثانية ل ({جَنَّةٍ}) أو في محل نصب حال منها بعد وصفها بما تقدّم، والاستئناف ممكن.
الشرح:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ} أي: المال. {فِي السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ} أي: في العسر، واليسر، في الغنى، والفقر، والرّخاء، والشدّة، لا يتركون الإنفاق في جميع الحالات، لا في فرح وسرور، ولا في حال محنة وبلاء، وسواء أكان الواحد منهم في عرس، أو حبس، فإنّهم لا يدعون الإحسان إلى النّاس، فأول ما ذكر الله من أخلاقهم الموجبة للجنّة السّخاء، وبذل المال؛ لأنّه أشقّ على النفس، وكانت الحاجة إلى بذل المال في ذلك الوقت أعظم الأحوال للحاجة إليه في مجاهدة الأعداء، ومواساة الفقراء المسلمين مهاجرين، وغيرهم. وقد ذكرت لك فيما مضى كثيرا من الأحاديث النبوية التي ترغّب في إنفاق المال في وجوه الخير. وخذ هنا ما يلي:
فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «مثل البخيل والمنفق، كمثل رجلين عليهما جنّتان من حديد، من ثديّهما إلى تراقيهما، فأمّا المنفق؛ فلا ينفق شيئا إلا مادت على جلده؛ حتى تجنّ بنانه، وتعفو أثره، وأمّا البخيل؛ فلا يريد أن ينفق شيئا، إلاّ لزقت كلّ حلقة موضعها، فهو يوسّعها، ولا تتّسع». متّفق عليه. ولا تنس: أنّ بين {السَّرّاءِ} و {وَالضَّرّاءِ} طباق، وهو من المحسّنات البديعية.