الفتح في محل نصب مفعول به. {اِعْتَدَوْا:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة، التي هي فاعله، والألف للتّفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {فِي السَّبْتِ:} متعلقان بما قبلهما. (قلنا): فعل، وفاعل. {كُونُوا:} فعل أمر ناقص مبني على حذف النون، والواو اسمه، والألف للتفريق. {قِرَدَةً} خبر: {كُونُوا}. {خاسِئِينَ} خبر ثان. وقيل: صفة {قِرَدَةً} وهو ضعيف؛ لأن جمع المذكر السالم لا يكون صفة لما لا يعقل، وقيل:
حال من واو الجماعة، والأول أرجح وأقوى، فهو منصوب وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة:{كُونُوا..}. إلخ: في محل نصب مقول القول، وجملة:(قلنا...) إلخ: معطوفة على جملة: ({اِعْتَدَوْا..}.) إلخ: لا محل لها مثلها، وهو أقوى من العطف على جملة:(قد {عَلِمْتُمُ..}.) إلخ.
روى النّسائيّ عن صفوان بن عسّال-رضي الله عنه-قال: قال يهوديّ لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النّبيّ، قال له صاحبه: لا تقل: نبيّ، لو سمعك؛ كان له أربعة أعين. فأتيا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وسألاه عن {تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ}، فقال لهم:«لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم الله إلاّ بالحقّ، ولا تمشوا ببريء إلى سلطان، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الرّبا، ولا تقذفوا المحصنة ولا تولّوا يوم الزّحف، وعليكم خاصّة يهود ألاّ تعدوا في السّبت» فقبّلوا يديه، ورجليه، وقالوا: نشهد: أنّك نبي! قال: «فما يمنعكم أن تتّبعوني؟».
قالوا: إن داود دعا بأن لا يزال من ذرّيته نبيّ، وإنّا نخاف إن اتّبعناك أن تقتلنا يهود. أخرجه الترمذي، وقال: حديث صحيح.
الشرح:{فَجَعَلْناها:} الضمير عائد إلى العقوبة التي ذكرها الله تعالى في الآية السابقة، وهي مسخهم قردة. وقيل: عائد إلى القرية؛ إذ معنى الكلام يقتضيها. {نَكالاً:} عبرة تنكل من اعتبر بها: أي تمنعه من فعل المحرّمات، وتجاوز حدود الله، والنّكال: الزّجر، والعقاب، والنّكل، والأنكال: القيد، وسمّيت القيود: أنكالا؛ لأنّها ينكل بها؛ أي: يمنع. والتنكيل: إصابة الأعداء بعقوبة تنكل من وراءهم، أي: تخوفهم، وتردعهم، وقال تعالى في سورة (النّازعات) في حقّ فرعون اللّعين: {فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى} وقال في سورة (المائدة) رقم [٣٨]: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ}. {لِما بَيْنَ يَدَيْها:} قال ابن عباس، والسّدي: لما بين يدي المسخة: ما قبلها من ذنوب القوم. {وَما خَلْفَها} لمن يعمل بعدها مثل تلك الذنوب، قال ابن عطيّة: وهذا قول جيد، والضّميران للعقوبة. وروى الحاكم عن مجاهد، عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: لمن حضر معهم، ولمن يأتي بعدهم، واختاره النّحاس. قال: وهو أشبه بالمعنى. هذا؛