للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنه، وفرقة اصطادت، واعتدت، فهذه هي التي مسخت قردة لهم أذناب يتعاوون. وقيل: مسخ الشبّان قردة، والشيوخ خنازير، فمكثوا ثلاثة أيام فقط، ثم هلكوا، ولم يأكلوا، ولم يشربوا، ولم يتوالدوا، ونجت الفرقتان الأخريان: الناهية، والساكتة عن النّهي، وقيل: هلكت أيضا.

ويقال: إنّ الناهين قالوا: لا نساكنكم، فقسموا القرية بجدار، فأصبح الناهون ذات يوم في مجالسهم، ولم يخرج من المعتدين أحد. فقالوا: إن للناس لشأنا، فعلوا الجدار، فنظروا فإذا هم قردة، ففتحوا الأبواب، ودخلوا عليهم، فعرفت القردة أنسابهم من الإنس، ولا يعرف الإنس أنسابهم من القردة، فجعلت القردة تأتي أنسابهم من الإنس، فتشم ثيابه، وتبكي، فيقول لهم:

ألم ننهكم؟! فتقول القردة برأسها: نعم! وانظر تفصيلهم في سورة (الأعراف).

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: لم يعش مسخ قطّ فوق ثلاثة أيام، ولم يأكل، ولم يشرب، ولم ينسل. قال ابن عطية: وروي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وثبت: أنّ الممسوخ لا ينسل، ولا يأكل، ولا يشرب، ولا يعيش أكثر من ثلاثة أيام، أما قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لبني قريظة، ولبني النّضير:

«يا أحفاد القردة!» لم يرد به إلا التّقريع، والتوبيخ، والله أعلم.

الإعراب: {وَلَقَدْ:} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، تقديره: والله. والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. هذا؛ وبعضهم يعتبر الواو عاطفة، وبعضهم يعتبرها حرف استئناف، ويعتبرون الجملة الآتية جوابا لقسم محذوف، ولا أسلمه أبدا؛ لأنه على هذا يكون قد حذف واو القسم، والمقسم به، ويصير التقدير: والله أقسم، أو: وأقسم والله.

واللام واقعة في جواب القسم المحذوف، وبعضهم يقول: اللام موطئة للقسم، والموطئة معناها: المؤذنة، وهذه اللام إنما تدخل على «إن» الشرطية؛ لتدلّ على القسم المتقدم على الشرط، وتكون الجملة الآتية جوابا للقسم المدلول عليه باللام، والمتقدم على الشّرط حكما، كما في قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ..}. إلخ الآية رقم [١٢] من سورة (الحشر)، افهم هذا، واحفظه فإنّه جيّد، والله ولي التّوفيق!.

فإن قيل: ما ذكرته من إعراب يؤدي إلى حذف المقسم به، وبقاء حرف القسم؛ فالجواب:

أنه قد حذف المقسم به حذفا مطردا في أوائل السّور. مثل قوله تعالى: {وَالنَّجْمِ،} {وَالشَّمْسِ وَضُحاها} فإن التقدير: ورب النجم، ورب الشمس... إلخ، الدليل على ذلك التّصريح به في قوله تعالى: {فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ} الآية رقم [٢٣] من سورة (الذاريات)، وحذف المقسم به ظاهر في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها..}. إلخ الآية رقم [٧١] من سورة (مريم)، وأظهر منه في قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} الآية رقم [٧٣] من سورة (المائدة) قالوا: في الآيتين حرف قسم وجر. والمقسم به محذوف بلا ريب.

(قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {عَلِمْتُمُ:} فعل وفاعل، والجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مستأنف لا محل له. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على

<<  <  ج: ص:  >  >>