للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجملة: {وَظَنُّوا..}. إلخ فيها ثلاثة أوجه: أحدها: كونها معطوفة على جملة: {نَتَقْنَا..}. إلخ فهي في محل جر مثلها، وثانيها: كونها في محل نصب حال من: {الْجَبَلَ،} والرابط: الضمير فقط، فتكون الحال قد تكررت، ولا بد من تقدير (قد) قبلها لتقربها من الحال، وثالث الأوجه:

كون الجملة مستأنفة، وهو بعيد {خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} انظر إعراب هذا الكلام مستوفى في الآية رقم [٦٣] (البقرة) فلا حاجة لإعرابه هنا.

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢)}

الشرح: {رَبُّكَ:} انظر الآية رقم [٣]. {آدَمَ:} انظر الآية رقم [١١]. {ذُرِّيَّتَهُمْ:} الذرية تقع على الواحد، وعلى الجمع. قيل: هو مشتق من الذّرا، وهو بفتح الذال: كل ما استذريت به، يقال: أنا في ظل فلان، وفي ذراه، أي: في كنفه، وستره، ودفئه، وهو بضم الذال: أعلى الشيء. وقيل: هو مشتق من الذرء، وهو الخلق، أبدلت همزتها ياء، ثم شددت الياء، وتبعتها الراء في التشديد. هذا؛ ويقرأ: «(ذرياتهم)» بالجمع وانظر {ذَرَأْنا} في الآية رقم [١٧٩].

{أَنْفُسِهِمْ:} انظر الآية رقم [٩]. {أَلَسْتُ:} انظر إعلاله في الآية رقم [٦/ ٦٦]. {قالُوا:} انظر «القول» في الآية رقم [٥]. {بَلى:} انظر الآية رقم [٢/ ٨١] فإنه جيد. {يَوْمَ الْقِيامَةِ:} انظر الآية رقم [١٦٧]. {كُنّا:} انظر إعلال: {قُلْنا} في الآية رقم [١١] فهو مثله.

{شَهِدْنا..}. إلخ: هذا من مقول الملائكة؛ أي: تقول الملائكة: شهدنا عليكم بالإقرار بالربوبية؛ لئلا تقولوا: {إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ} لم ينبهنا عليه أحد. هذا؛ وقد قرئ هذا الفعل، والفعل الآتي بالياء، ويكون الفاعل (الله) تبارك، وتعالى، ويكون المعنى، قال الله تعالى: فعلنا ذلك لئلا يقولوا... إلخ. هذا؛ وقد قيل: إن الكلام على الغيبة من مقولهم، والمعنى: قالوا: بلى شهد بعضنا على بعض، وعلى الاعتبارين الأولين فالوقف على: {بَلى،} وعلى الاعتبار الثالث فلا وقف عليها. وهذا إشارة إلى العهد والميثاق الذي أخذه الله على بني آدم. وقيل: هو إشارة إلى الإيمان والتوحيد. والأول أولى، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

تنبيه: في معنى الآية الكريمة، وتفسيرها مذهبان: مذهب السلف، ومذهب الخلف، فمحصل المذهب الأول: أن الله أخرج بعضهم من صلب بعض، من صلب آدم، نسلا بعد نسل، كنحو ما يتوالدون كالذر بنعمان (واد قرب عرفة) يوم عرفة، ونصب لهم دلائل على ربوبيته، وركب فيهم عقلا، وفهما. ومذهب الخلف محصله: أنه لا إخراج، ولا قول، ولا شهادة بالفعل، وإنما هذا كله على سبيل المجاز التمثيلي، فشبه حال النوع الإنساني بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>