للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواو. والوقر بكسر الواو: حمل البغل، والحمار. والوقار: الحلم، والرزانة، والتعقل، وهو أيضا: العظمة، والهيبة، والمهابة. وفي هذا دليل على أن الله تعالى يقلب القلوب، فيشرح بعضها للهدى، والإيمان، فتقبله، ويجعل بعضها في أكنة، فلا تفقه كلاما، ولا تؤمن به، ولا تقبله. {وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ} أي: قلت: لا إله إلا الله، وأنت تتلو القرآن. {وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً} أي: أعرضوا هربا من استماع التوحيد، وهو مثل قولهم في سورة (ص):

{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ} هذا؛ و {نُفُوراً} جمع: نافر، فهو مثل: شهود، وشاهد، وقعود، وقاعد. وانظر إعلال مثل: {وَلَّوْا} في الآية رقم [٨٧] من سورة (النحل).

الإعراب: {وَجَعَلْنا:} فعل، وفاعل. {عَلى قُلُوبِهِمْ:} متعلقان بما قبلهما. وقيل: متعلقان بمحذوف مفعول ثان، ولا وجه له، ولو قيل: متعلقان بمحذوف حال من {أَكِنَّةً} لسلّم، والهاء في محل جر بالإضافة. {أَكِنَّةً:} مفعول به، والمصدر المؤول من: {أَنْ يَفْقَهُوهُ} في محل جر بحرف جر محذوف، و «لا» مقدرة؛ إذ التقدير: لئلا يفقهوه، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (جعلنا) وهذا عند الكوفيين، وهو عند البصريين على حذف مضاف، التقدير: كراهية فهمهم، فالمحذوف مفعول لأجله. وانظر الشاهد [٤٨] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»، وجملة:

{وَجَعَلْنا..}. إلخ معطوفة على جواب (إذا) في الآية السابقة لا محل لها مثلها. {وَفِي آذانِهِمْ:}

معطوفان على: {عَلى قُلُوبِهِمْ}. {وَقْراً:} معطوف على {أَكِنَّةً} وإن قدرت: {وَجَعَلْنا} قبلهما؛ وضح لك ذلك. {وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ} انظر مثله في الآية السابقة. {وَحْدَهُ:} حال من {رَبَّكَ،} وإن كان معرفة لفظا، فهو في قوة النكرة؛ لأنه بمعنى: منفردا. {وَلَّوْا:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة، التي هي فاعله، والألف للتفريق. {عَلى أَدْبارِهِمْ:} متعلقان بما قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة، والهاء في محل جر بالإضافة، والميم في الكل حرف دال على جماعة الذكور. {نُفُوراً:} مفعول لأجله، أو هو حال، ويجوز أن يكون مفعولا مطلقا عامله: {وَلَّوْا} لتقاربهما في المعنى، وجملة: {وَلَّوْا..}. إلخ جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام معطوف على مثله في الآية السابقة، لا محل له مثله.

{نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٤٧)}

الشرح: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ} أي: بسببه، ولأجله. أو المعنى: نحن أعلم بالحال، أو الطريقة التي يستمعون القرآن بها، فهم يستمعون القرآن هازئين لا جادين، والواجب أن يستمعوه جادين لينتفعوا به، ويهتدوا بهديه. {إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى} أي: نحن أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>