للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فاعل {يُدَبِّرُ} المستتر، فتكون حالا متداخلة، وأجيز اعتبار الجملتين أخبارا متعددة للمبتدإ، ويبعده الاستئناف في الجملة الاسمية قبلهما، هذا؛ ويقرأ الفعلان: {يُدَبِّرُ} و {يُفَصِّلُ} بالنون، فحينئذ لا يجوز، إلا الاستئناف ويكون في الكلام التفات. {لَعَلَّكُمْ}: حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها {بِلِقاءِ}: متعلقان بالفعل بعدهما، و (لقاء) مضاف، و {رَبِّكُمْ}: مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {تُوقِنُونَ}: مضارع وفاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (لعل)، والجملة الاسمية: {لَعَلَّكُمْ..}. إلخ تعليل للتسخير والتدبير والتفصيل.

{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣)}

الشرح: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ}: بعد أن بين سبحانه دلائل قدرته في السموات، وما فيها، أردف ذلك ببيان دلائل قدرته في الأرض، وما فيها، ومعنى {مَدَّ الْأَرْضَ} بسطها على وجه الماء، وعند أصحاب الهيئة الأرض كروية الشكل، ويمكن أن يقال: إن الكرة إذا كانت كبيرة عظيمة، فكل قطعة منها تشاهد ممدودة كالسطح الكبير العظيم، فحصل الجمع بين: القول بكرويتها، والقول ببسطها، ومع ذلك فالله تعالى أخبر أنه مد الأرض، وأنه دحاها وبسطها، وكل ذلك يدل على التسطيح، والله تعالى أصدق قيلا، وأبين دليلا من أصحاب الهيئة. انتهى. خازن.

{وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ} أي: جبالا ثوابت، واحدها راسية؛ لأن الأرض ترسو بها؛ أي: تثبت وتستقر، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لمّا خلق الله الأرض جعلت تميد، وتكفّأ؛ فأرساها بالجبال، فاستقرّت، فعجبت الملائكة من شدّة الجبال، فقالت:

يا ربّنا هل خلقت خلقا أشدّ من الجبال؟ قال: نعم الحديد، قالوا: فهل خلقت خلقا أشدّ من الحديد؟ قال: النار، قالوا: فهل خلقت خلقا أشدّ من النّار؟ قال الماء، قالوا: فهل خلقت خلقا أشدّ من الماء؟ قال: الرّيح، قالوا: فهل خلقت خلقا أشدّ من الرّيح، قال: ابن آدم إذا تصدّق بصدقة بيمينه، فأخفاها من شماله». رواه الترمذي، وقال: حديث غريب.

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: هي الجبال الشامخات من أوتاد الأرض، وهي سبعة عشر جبلا منها: قاف، وأبو قبيس، والجودي، ولبنان، وطور سينين، وطور سيناء. أخرجه ابن جرير. في المبهمات للسيوطي.

{وَأَنْهاراً} أي: جارية لمنافع العباد، كما هو مشاهد في هذه الدنيا، وأنهار جمع: نهر، ويجمع أيضا على أنهر ونهر ونهور، وهاء النهر تفتح وتسكن. {وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ}

<<  <  ج: ص:  >  >>