للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{عَلَيْهِمْ:} متعلقان ب‍: {شَهِيداً} الذي هو خبر، وجملة: {وَكُنْتُ..}. إلخ معطوفة على جملة: {ما قُلْتُ..}. إلخ لا محل لها مثلها، الأولى بالاستئناف، والثانية بالإتباع. {ما:} مصدرية والزمان معها محذوف، كما ستعرفه. {دُمْتُ:} ماض ناقص، والتاء اسمه. {فِيهِمْ:} متعلقان بمحذوف خبر دام، وما ودام في تأويل مصدر في محل جر بإضافة ظرف إليه محذوف، وهذا الظرف متعلق ب‍: {شَهِيداً،} وتقدير الكلام: (كنت شهيدا عليهم مدة دوامي فيهم). {فَلَمّا:} الفاء: حرف استئناف. (لما) حرف وجود لوجود عند سيبويه، وبعضهم يقول: حرف وجوب لوجوب، وهي ظرف بمعنى حين عند الفارسي، وابن السراح وابن جني، تتطلب جملتين مرتبطتين ببعضهما ارتباط فعل الشرط بجوابه، وصوب ابن هشام الأول، والمشهور الثاني. {تَوَفَّيْتَنِي:} فعل وفاعل ومفعول به، والنون للوقاية، والجملة لا محل لها على القول بحرفية (لما)، وفي محل جر بإضافة (لما) إليها على القول بظرفيتها. {كُنْتُ:} ماض ناقص، والتاء اسمها. {أَنْتَ:} ضمير فصل لا محل له، أو هو توكيد لاسم (كان)، {الرَّقِيبَ:} خبر كان، ويقرأ بالرفع، فيكون: {أَنْتَ} مبتدأ، والرقيب خبره، وعليه فالجملة اسمية، وهي في محل نصب خبر (كان). {عَلَيْهِمْ:}

متعلقان بالرقيب، وجملة: {كُنْتُ..}. إلخ جواب (لما) لا محل لها، و (لما) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} انظر إعراب مثلها في الآية رقم [١٩] والجملة الاسمية مستأنفة، وهي في المعنى معطوفة على خبر (كان)، وعند التأمل يظهر لك: أن الكلام كله من مقول عيسى عليه السّلام، الذي يقوله يوم القيامة لله، عز وجل، وهو يعلن براءته مما ألصق فيه النصارى. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)}

الشرح: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ:} أي: إن تعذبهم فإنك تعذب عبادك، ولا اعتراض على المالك المطلق فيما يفعل بملكه. {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ..}. إلخ: فلا عجز ولا استقباح فإنك القادر القوي على الثواب والعقاب، الذي لا يثيب ولا يعاقب إلا عن حكمة وثواب، فإن المغفرة مستحسنة لكل مجرم، فإن عذبت؛ فعدل، وإن غفرت؛ ففضل. انتهى بيضاوي.

وأحسن منه بل وأولى بالاعتبار ما نقله النسفي عن الزجاج-رحم الله الجميع برحمته الواسعة، ولا ينسانا من رحمته-قال الزجاج: علم عيسى-عليه السّلام-أن منهم من آمن، ومنهم من أقام على الكفر، فقال في جملتهم: إن تعذبهم، أي إن تعذب من كفر منهم فإنهم عبادك الذين علمتهم جاحدين لآياتك، مكذبين لأنبيائك، وأنت العادل في ذلك، فإنهم قد كفروا بعد وجوب الحجة عليهم، وإن تغفر لهم، أي لمن أقلع منهم عن الكفر وآمن، فذلك تفضل منك، وأنت عزيز لا يمتنع عليك ما تريد، حكيم في ذلك، عزيز قوي، قادر على الثواب،

<<  <  ج: ص:  >  >>