للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وقرأ ابن عامر: «(تكن)» بالتاء، و «(آية)» بالرفع، والفعل على هذه القراءة يحتمل النقصان والتمام، فعلى الأول يكون «(آية)» اسم «(تكن)» مؤخر، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، والمصدر المؤول من {أَنْ يَعْلَمَهُ} في محل رفع بدل من (آية)، أو (إنّ) الاسم ضمير القصة، و (آية) خبر مقدم، والمصدر المؤول من: {أَنْ يَعْلَمَهُ} في محل رفع مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل نصب خبر (تكن)، وأما على التمام ف‍: (آية) فاعل (تكن)، والمصدر المؤول من {أَنْ يَعْلَمَهُ} في محل رفع بدل من (آية)، والجار والمجرور: {لَهُمْ} متعلقان بمحذوف حال من: (آية) على مثال ما سبق، أو: هما متعلقان بالفعل (تكن)، وأجيز على التمام أيضا أن تكون (آية) فاعل (تكن)، والمصدر المؤول في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هي أن يعلمه. هذا؛ وأجاز الزجاج كون {آيَةً} اسم (تكن) على النقصان، والمصدر المؤول في محل نصب خبره، وهو مردود بأنه لا يخبر بالمعرفة عن النكرة إلا في ضرورة الشعر، كما في قول القطامي: [الوافر]

قفي قبل التّفرّق يا ضباعا... ولا يك موقف منك الوداعا

وأيضا قول حسان-رضي الله عنه-قبل تحريم الخمرة من قصيدة يمدح بها النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويندد بكفار قريش ويتهدّد شعراءهم: [الوافر]

كأنّ سبيئة من بيت رأس... يكون مزاجها عسل وماء

وهذان البيتان هما الشاهدان رقم [٨٢٢ - ٨٢٣] من كتابنا فتح القريب.

{وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢)}

الشرح: {وَلَوْ نَزَّلْناهُ:} الضمير يعود إلى القرآن. {عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ} أي: على رجل ليس بعربي اللسان. {فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا..}. إلخ: أي بغير لغة العرب؛ لما آمنوا، ولقالوا: لا نفقه، كما قال الله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ} الآية رقم [٤٤] من سورة فصلت، وقيل: معناه: ولو نزلناه على رجل ليس من العرب؛ لما آمنوا به أنفة، وكبرا، وعنادا، واستنكافا من اتباع العجم.

{كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ:} الضمير للكفر المدلول عليه بقوله: {ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} فتدل الآية على أنه بخلق الله. وقيل: الضمير للقرآن، أي: أدخلناه في قلوب المجرمين، فعرفوا معانيه، وإعجازه، ثم لم يؤمنوا به عنادا. وهذا أقوى؛ لأن قوله تعالى: {لا}

<<  <  ج: ص:  >  >>