الشرح:{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ} أي: المكرات السيئات، وهم الذين احتالوا لهلاك الأنبياء، أو الذين مكروا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وراموا صدّ أصحابه عن الإيمان بالإضافة لما فعلوا بهم من إيذاء، وسخرية. هذا؛ والمكر: تدبير الأمر في خفية، وهو أيضا: احتيال، وخداع.
{أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ:} كما خسف بقارون. وخسف المكان: ذهب في الأرض، وبابه:
جلس، وخسف الله به الأرض من باب: ضرب؛ أي: غاب فيها، ومنه قوله تعالى:{فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ} وخسوف القمر: ذهاب ضوئه. هذا؛ والخسف: النقصان، والخسف: الذلة، والمهانة، والحقارة، قال الشاعر:[البسيط]
ولا يقيم على ضيم يراد به... إلاّ الأذلاّن: عير الحيّ والوتد
هذا على الخسف مربوط برمّته... وذا يشجّ فلا يرثي له أحد
{أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} أي: من جهة لا تخطر ببالهم، ولم يحتسبوها، كما فعل الله بقوم لوط وغيرهم، وقد أهلك القرشيون في غزوة بدر، ولم تكن في حسابهم، وانظر:{يَشْعُرُونَ} في الآية رقم [٢١]، ولا تنس: أن الكلام في: {أَفَأَمِنَ} مثله في: {أَفَمَنْ،}{أَفَلا} في الآية [١٧].
الإعراب:{أَفَأَمِنَ} الهمزة: حرف استفهام إنكاري. الفاء: حرف عطف، أو حرف استئناف. (أمن): ماض. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل، وجملة:
{مَكَرُوا..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها. {السَّيِّئاتِ:} صفة لمفعول مطلق؛ أي: مكروا المكرات السيئات، أو هو مفعول به على تضمين مكروا عملوا، أو فعلوا، وعلى هذين الوجهين، فالمصدر المؤول من:{أَنْ يَخْسِفَ اللهُ} في محل نصب مفعول ب: (أمن)، أو هو منصوب ب:(أمن)؛ أي: أمنوا العقوبات السيئات، وعلى الأول: فالمصدر المؤول من: {أَنْ يَخْسِفَ اللهُ} بدل من السيئات. {بِهِمُ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {الْأَرْضَ:} مفعول به. {أَوْ:}
حرف عطف. {يَأْتِيَهُمُ:} معطوف على {يَخْسِفَ} منصوب مثله، والهاء في محل نصب مفعول به. {الْعَذابُ:} فاعل. {مِنْ حَيْثُ:} متعلقان بالفعل قبلهما. وقيل: متعلقان بمحذوف حال، و {حَيْثُ} مبني على الضم في محل جر. {لا:} نافية. {يَشْعُرُونَ:} مضارع مرفوع، والواو فاعله، وجملة:{لا يَشْعُرُونَ} في محل جر بإضافة {حَيْثُ} إليها، وجملة:{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة، أو هي معطوفة على جملة محذوفة، التقدير: ألم يتفكروا فأمن الذين مكروا السيئات.