للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {يُبَشِّرُكَ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:

{اللهَ} والكاف مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر: {أَنَّ} و {أَنَّ} واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: بكون الله، والجار والمجرور متعلقان بالفعل نادى. هذا؛ ويقرأ بكسر همزة («إن»). وعليه فالجملة اسمية، وهي في محل نصب مفعول به لنادى، وهو بمعنى: قال، وهو أولى من تقدير قول محذوف، {بِيَحْيى:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الألف للتعذر. {مُصَدِّقاً:} حال من:

(يحيى). {بِكَلِمَةٍ:} متعلقان ب‍ {مُصَدِّقاً} لأنه اسم فاعل، لذا فيه ضمير مستتر هو فاعله. {مِنَ اللهِ:} متعلقان بمحذوف صفة: (كلمة). {وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا:} هذه الأسماء معطوفة على {مُصَدِّقاً}. {مِنَ الصّالِحِينَ:} متعلقان بمحذوف صفة: (نبيّا).

{قالَ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَاِمْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (٤٠)}

الشرح: {قالَ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ:} هذا استفهام عن كيفية حدوث الغلام، ووجوده، واستبعاد من حيث العادة، أو استعظام لشأن خلقه، أو هو تعجب من قدرة الله، لا استبعاد، وإنكار، فلا يرد: كيف قال زكريا ذلك؟ ولم يكن شاكّا في قدرة الله تعالى عليه. انتهى جمل بتصرّف.

وأيضا في معنى الاستفهام وجهان: أحدهما: أنه سأل: هل يكون له الولد؛ وهو، وامرأته على حاليهما، أو يردّان إلى حال من يلد؟ الثاني: سأل: هل يرزق الولد من امرأته العاقر، أو من غيرها؟ هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (الأنبياء): {وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ} بمعنى أصلح رحمها، وهيأه للحمل، وجعلها ولودا بقدرته، وإرادته.

{وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ:} قال ابن عباس، والضّحاك-رضي الله عنه-: كان يوم بشّر ابن عشرين ومائة سنة، وكانت امرأته بنت ثمان وتسعين سنة، وكان عمر إبراهيم، وزوجه سارة يوم بشّرا بإسحاق مثل عمر زكريا، وزوجه، كما ذكرته في الآية رقم [٧٢] من سورة (هود) على نبينا، وحبيبنا، وشفيعنا، وعليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام.

{قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ} أي: من العجائب، وخوارق العادات مثل ذلك الفعل، وهو إنشاء الولد من شيخ فان، وعجوز عاقر. هذا؛ وقد قال في حقّ زكريا: {يَفْعَلُ} وفي حق مريم: {يَخْلُقُ} مع اشتراكهما في بشارتهما بولد؛ لأن استبعاد زكريا لم يكن لأمر خارق، بل نادر، وبعيد، فحسن التعبير بيفعل، واستبعاد مريم كان لأمر خارق، أي: لأغربيّته؛ لأنه اختراع بلا مادة، أي: من غير إحالة على سبب ظاهر، فكان ذكر الخلق أنسب. انتهى جمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>