للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة (الشعراء) وسألها سليمان في الآية رقم [١٩] من سورة (النمل) وقال تعالى في حقّ إسماعيل، وإدريس، وذي الكفل-على نبينا، وعليهم جميعا ألف صلاة وألف سلام-:

{وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصّالِحِينَ}.

هذا؛ و {قائِمٌ} أصله: قاوم، اسم فاعل من: قام، فقلبت الواو ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، ولم يعتدّ بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية منهما همزة، ومثله قل في اليائي: بائع، فإن أصله: بايع.

و (سيّد) أصله: سيود، فاجتمعت الياء والواو، والأول منهما ساكن، فقلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء، فصار سيد.

أمّا (كلمة) ففيها ثلاث لغات: الأولى: كلمة، على وزن: نبقة، وهي الفصحى، ولغة أهل الحجاز، وبها نطق القرآن الكريم في آيات كثيرة، وجمعها: كلم، كنبق. والثانية: كلمة، على وزن سدرة. والثالثة: كلمة، على وزن نمرة، وهما لغتا تميم، وجمع الأولى كلم كسدر، والثانية كلم كتمر، وكذلك كل ما كان على وزن فعل، نحو كبد، وكتف، فإنه يجوز فيه اللغات الثلاث، فإن كان الوسط حرف حلق، جاز فيه لغة رابعة، وهي إتباع الأول للثاني في الكسر، نحو: فخذ، وشهد.

وهي في الأصل: قول مفرد، مثل: محمد، وقام، وقعد، وفي، ولن، وقد تطلق على الجمل المفيدة، كما في قوله تعالى: {كَلاّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها} إشارة إلى قوله تعالى: {رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ} وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: [الطويل]

ألا كلّ شيء-ما خلا الله-باطل»

المراد ب‍ «كلمة»: الشطر الأول بكامله. وتقول: قال فلان: كلمة، والمراد به كلام كثير، وهو شائع، ومستعمل عربيّة في القديم، والحديث. قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته: [الرجز]

كلامنا لفظ مفيد كاستقم... واسم وفعل ثمّ حرف الكلم

واحده كلمة والقول عم... وكلمة بها كلام قد يؤم

الإعراب: {فَنادَتْهُ:} الفاء: حرف عطف. (نادته): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع تاء التأنيث الساكنة، والهاء مفعول به. {الْمَلائِكَةُ:} فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها في الآية السابقة، لا محل لها مثلها، والجملة الاسمية:

{وَهُوَ قائِمٌ} في محل نصب حال من الضمير الواقع مفعولا به. {يُصَلِّي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى زكريا، والجملة الفعلية تحتمل أن تكون في محل رفع خبر ثان للمبتدإ: (هو) وأن تكون في محل نصب حال من الضمير الواقع مفعولا به، فيكون من تعدّد الحال، وهو جملة، وأن تكون في محل نصب حال من الضمير المستتر ب‍ {قائِمٌ} فتكون من تداخل الحال، وعلى كلّ الوجوه؛ فالرابط الضمير، وهو الفاعل المستتر. {فِي الْمِحْرابِ:} متعلقان ب‍ {قائِمٌ} أو بالفعل: {يُصَلِّي} على التنازع.

<<  <  ج: ص:  >  >>