أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى أي: ويدعون كذبا، وافتراء: أن لهم الجزاء الحسن، والعاقبة المحمودة عند الله تعالى، كقول بعضهم:{وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى} وهذا على فرض وجود البعث في زعمه. هذا؛ وقرئ «(الكذب)» بضم الكاف والذال والباء جمع: كذوب، مثل: رسول ورسل، وصبور وصبر، وشكور وشكر، وانظر رقم [١١٦]{لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النّارَ:} رد لما يدعونه، وإثبات لضده، وعكسه. {وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ:} مقدّمون إلى النار، والفارط: هو الذي يتقدم إلى الماء، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«وأنا فرطكم على الحوض». وقال القطامي:[البسيط]
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا... كما تعجّل فرّاط لورّاد
والفرّاط: المتقدمون في طلب الماء، والورّاد المتأخرون. هذا؛ ويقرأ: «(مفرطون)» بكسر الراء وتخفيفها، ومعناه مسرفون في الذنوب والمعاصي، كما قرئ بتشديد الراء مفتوحة من فرطته في طلب الماء، وبتشديدها مكسورة؛ أي: مضيعون أمر الله، فيكون للمبالغة، وانظر الآية رقم [٤٥] من سورة (طه) ففيها مزيد فائدة. وانظر شرح «اللسان» في الآية رقم [٤] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام.
الإعراب:{وَيَجْعَلُونَ:} الواو: حرف استئناف. (يجعلون): مضارع مرفوع.. إلخ، والواو فاعله. {لِلّهِ:} متعلقان بما قبلهما. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: الذي، أو شيئا يكرهونه، والجملة الفعلية:{وَيَجْعَلُونَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، وعطفها على ما قبلها غير مستبعد. (تصف): مضارع. {أَلْسِنَتُهُمُ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة. {الْكَذِبَ:} مفعول به، والمصدر المؤول من (أنّ) واسمها وخبرها في محل نصب بدل من {الْكَذِبَ} بدل كل من كل، أو في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير:
بأن... إلخ والمعتمد الأول. هذا؛ وعلى القراءة الثانية ف:{الْكَذِبَ} صفة لما قبله، ويكون المصدر المؤول في محل نصب مفعول به، وجملة:{وَتَصِفُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها.
{لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النّارَ} انظر الآية رقم [٢٣] ففيها الكفاية. (أنهم): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {مُفْرَطُونَ:} خبر (أنّ) مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، و (أنّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر معطوف على المصدر المؤول قبله على جميع الاعتبارات فيه.
الشرح:{تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا..}. إلخ: المعنى: كما أرسلناك إلى هذه الأمة؛ لقد أرسلنا رسلا إلى أمم من قبلك، فكان شأنهم مع رسلهم التكذيب. ففيه تعزية، وتسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {فَزَيَّنَ لَهُمُ}