هذا الكون، وانظر شرح: {شَيْءٍ} في الآية رقم [٥/ ١٩]. {فَاعْبُدُوهُ،} فوحدوه، وأخلصوا له العبادة، وهي غاية التذلل، ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال، وهو الله تعالى، ولذلك يحرم السجود لغيره تعالى. هذا؛ وقد قيل: العبودية أربعة: الوفاء بالعهود، والرضا بالموجود، والحفظ للحدود، والصبر على المفقود. {وَكِيلٌ:} حفيظ، ومتولي جميع أمور خلقه الذين أنتم من جملتهم، ففوضوا أموركم إليه، واقصروا عبادتكم عليه. والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
الإعراب: {ذلِكُمُ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له، والميم علامة جمع الذكور. {اللهُ:} خبر أول. {رَبُّكُمْ:}
خبر ثان، والكاف في محل جر بالإضافة، والميم علامة جمع الذكور. {لا:} نافية للجنس تعمل عمل: «إن». {إِلهَ:} اسمها مبني على الفتح في محل نصب، والخبر محذوف، تقديره: موجود.
{إِلاّ:} حرف حصر لا محل له. {هُوَ:} فيه ثلاثة أوجه: الأول كونه بدلا من اسم: {لا} على المحل؛ إذ محله الرفع على الابتداء. والثاني: كونه بدلا من: {لا} وما عملت فيه؛ لأنها وما بعدها في محل رفع بالابتداء. والثالث: كونه بدلا من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، وهو الأقوى. تأمل. والجملة الاسمية في محل رفع خبر ثالث. {خالِقُ:} خبر رابع، وهو مضاف، و {كُلِّ:} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، و {كُلِّ:}
مضاف، و {شَيْءٍ:} مضاف إليه. خذ هذا، وقد جوز اعتبار لفظ الجلالة خبرا واحدا، وما بعده بدل منه، كما جوز اعتبار لفظ الجلالة بدلا من اسم الإشارة، والخبر ما بعده. {فَاعْبُدُوهُ:}
الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر، التقدير: إذا كان ذلك حاصلا فاعبدوه.
(اعبدوه): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب للشرط المقدر كما رأيت، وانظر الآية رقم [٣٥]. والجملة الاسمية:
{وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} مستأنفة لا محل لها، والإعراب واضح إن شاء الله تعالى.
{لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)}
الشرح: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ} أي: لا تراه سبحانه وتعالى الأبصار. وقيل: معناه لا تحيط به الأبصار. {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ:} يرى الأبصار، ولا تراه. {اللَّطِيفُ} أي:
بأوليائه، وأحبابه. {الْخَبِيرُ:} بهم، وبأعمالهم.
تنبيه: قال الخازن: قال جمهور المفسرين: معنى الإدراك: الإحاطة بكنه الشيء، وحقيقته.
والأبصار ترى الباري جل جلاله، ولا تحيط به، كما أن القلوب تعرفه، ولا تحيط به، وقال سعيد بن المسيب في تفسير قوله: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ} لا تحيط به الأبصار.
وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-كلت أبصار المخلوقين عن الإحاطة. وقد تمسك بظاهر الآية قوم من أهل البدع، وهم الخوارج، والمعتزلة، وبعض المرجئة، وقالوا: إن الله تبارك